الأربعاء، مايو 10، 2006

عودة


"مرة واحد غبي كان قاعد يوزع الماهية : أدي خمسين جنيه للأكل ، وأدي خمسين جنيه للسكن ، وأدي خمسين جنيه للبانجو ...
فجأة لقى البوليس بيخبط بعنف عليه ؛ راح مقطع الخمسين جنيه بتاعة البانجو
هذه " النكتة" هي أكثر ما أثار ضحكي - ولفترة ممتدة /حتى أني أبتسم لا اراديا كلما تذكرتها - من بين عدة نكات أرسلها لي أحدهم ...
لم تضحكني هذه النكتة فحسب ، بل أثارت إعجابي ، دهشتي ؛ وتفكيري أيضا
فأولا : أعجبت بها لأنها نكتة مثالية / قصيرة ، ليس بها كثير من الثرثرة ،
وعلى الرغم من كلمة " بانجو " إلا أنها نكتة راقية ، مهذبة ، وليست مبتذلة ؛ فهي ليست بها ايحاءات خادشة أو تلك الأجواء المضببة بما قد توحيه هذه الكلمة ...

بل على العكس ، هي تأخذنا إلى حيث رد الفعل البرئ للانسان غير الملوث بداخلنا ...
بعدما قرأت هذه النكتة ، اعترض داخلي على كلمة " واحد غبي " ، و دُهشت لأني عددت رد فعل " بطل النكتة " رد الفعل الطبيعي الوحيد ..

فهنا ، الخمسين جنيها الثالثة تلك قد أصابها الدنس - بشكل رمزي - عندما فكر الرجل في تخصيصها لشراء " البانجو " ؛
وعندما قطعها ، تخلص من ذلك الرمز الذي قد توحد داخله مع ما يرمز إليه .

التعلق بالرمز هو شيء طبيعي جدا في حياة الانسان منذ أن وُجد على سطح الأرض ، و إلى الآن ..
عندما نبجل ونحترم ، فإننا نوجه هذه الأحاسيس بشكل أساسي إلى الرمز ، وعندما نغضب ونثور نوجه ذلك إلى الرمز ..

عندما نبغض أمريكا أو اسرائيل أو الدينيمارك ، فاننا نحرق رموزهم الممثلة في أعلام ..
وكثيرا ما نثور وندافع بضراوة إذا ما هاجم أحدهم أحد رموزنا ..

حتى الدراما في نشأتها والفنون عامة ماهم إلا تقديس للرمز .. رموز للخصب / رموز ضد الفناء / رموز لتغلب الخير على الشر / .....
ولهذا .. حديثٌ آخر ربما ...

ليست هناك تعليقات: