الأربعاء، يناير 07، 2009

لماذا أحترم إسرائل ؟

ليس إحتراما فقط في الواقع .. بل قل : إعجابا ، إنبهارا ... شيءٌ من هذا القبيل ..
أولا : هي تلعب دورها بمهارة و إتقان .. لا ، ليس دور " الشرير " في الأفلام التقليدية ، بل دوره في الأفلام الحديثة التي نرى فيها الذكاء ، الإدعاء ، البراعة ، الاختباء أحيانا وراء مظهر وديع ، التخهطيط السليم و التنفيذ الحاسم الذي يضرب بقوة و عنف مطيحا ً بالأبطال " الخيرين " قاضيا عليهم دون أن يهتز له جفن أو يراوده شعور " عبيط " بتأنيب الضمير أو أن تتراءى له أسلحته و دماء الضحايا تقطر منها
/ فللأسف لا مكان هنا للخيال الشكسبيري القديم : للأيدي التي لا تغسل المياه ما بها من دماء ، و لا لتلك الآداة المباشرة البسيطة المسماة " خنجرا " :
" فالزر الإلكتروني يعمل وحده
لا قاتلٌ يصغي إلى قتلي
و لا يتلو وصيته شهيد "
كما يقول درويش
هي فقط - إسرائيل - تلتزم بدورها و لا تحيد عنه . و هل منتظر من العدو أن يكون شيئا آخر غير عدو ؟ هل منتظر من اللص الذي يقفز على بيتك لينهبه بل و ينهب وثائقه ليدعيه منزلا له أن يكون بك رحيما ؟ أم أن عليه إرعابك و إسكاتك حتى لو قضى على أهلك جميعا ثم تسلى بقتلك بعد ذلك ؟ هل منتظر من مصاص الدماء شيء آخر غير أن يقتات على دمك ليعيش ؟
إذن ما يحدث طبيعي جدا : قتِّل .. حطم ... دمر ... بعثر ... فجِّر ... هذه هي القاعدة
أما ما أثر إنتباهي حقا - و لا يزال - فهو مقدرتهم الدعائية الباهرة - فنانون حقا - فيما يتعلق بتعذيب هتلر لهم و تلك القصص التي تُدمي القلب و تدفع بإشفاق الجميع معهم عن الهولوكست أو المحارق الجماعية التي دُفع إليها اليهود أيام الحرب العالمية الثانية ... و كيف أنهم نجحوا في جعل إنكار هذه الأحداث " تُهمه " عالمية يُعاقب عليها القانون !
لا أعتقد أن هناك تهمة صريحة اسمها : معاداة الملك أو الرئيس ، أو معاداة الأديان ، أو تهمة إنكار وجود الله مثلا ...
أتساءل حقا عن تلك العقلية الجبارة التي استطاعت أن تجعل التشكيك في شيء يتعلق بوجودها تُهمة تستوجب العقاب - في عصرنا هذا - و هو الذي لم تستطع فرضه حقا أي أيدلوجية أخرى أو أي دين أو أي إفتراضية وجودية كبري من الأسئلة التي نتفق أو نختلف جميعا حولها !!
بل ، كانت دهشتي تتضاعف كلما سمعت عن التعويضات التي استطاعوا جنيها من وراء هذا الأمر !
ثم ، سعيهم ل " تبرئة " صورتهم ، و دفعهم الكنيسة إلى إعلان برائتهم من دم المسيح بعد الواقعة بما يقرب من ألفي سنة إلا قليلا !
نشاطهم في الإستيلاء على الأرض من أصحابها الأصليين ، و في قتال أعدائهم بحماسة ، و القتال على أكثر من جبهة أحيانا : مصر ، سوريا ، لبنان ، فلسطين ...
بل أن تُثبت دولة وجودها : تولد ، تتكون ، تمد أذرعها ، و تثبت لها مكانا على الخريطة في ستين عاما لا غير / و تهنئها بعض الدول بعد ذلك في ذكرى إقامتها حتى بعض أعدائها القدامى / و تدافع عن هذا الوجود غير الشرعي بكل ما أوتيت من قوة متوسعةً في وجودها ، محاولةً القضاء على الوجود الشرعي لوطن آخر بثقة و إصرار و كأنها صاحبة الحق
- يفرض الخيال الشكسبيري نفسه هنا فأتذكر إدجر و إدموند في مسرحية الملك لير -
كيف تفعل إسرائيل هذا كله ؟
بأي عقلية و أي قوة و أي استراتيجية تحقق ما تحقق ؟
بينما أولئك الذين يُقتَّلون كل يوم ، و يستصرخون مساعدة ً و يطلبون ما لهم فعلا غير قادرون على لفت العالم لقضيتهم أو لحقهم الضائع و لا حتى بصورهم و هم يقتلون و يشردون و تُدمر منازلهم و تُسرق أوطانهم ؟
" لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟"
المشكلة التي لم يرها " أمل دنقل " أن كلماته مطبقة بحذافيرها ، و لكن بصورة عكسية
فالموت يُوزع بشكل مجاني تماما على العرب - بأيديهم كما بأيدي أعدائهم - ، بينما دم اليهود منذ أيام هتلر له وضعٌ آخر لا يمكن أن يساووه بدماء العرب
- حقا أكره أن أتحدث لغة الأيدلوجيات أو الأعراق و الأجناس أو الأديان ... فطفلٌ يموت هو طفلٌ يموت مهما يكن جنسه أو وطنه أو ديانته ؛ و شعبٌ يُدمر هو شعبٌ يُدمر في أي مكان في العالم ، لكن الوضع الغريب الذي نعايشه يفرض نفسه بقوة -
لو حد فعلا عنده إجابة ياريت يقولها

هناك 9 تعليقات:

عدى النهار يقول...

عندما تكون أفضل العقول فى جماعة ما أو دولة ما هى المتحكمة وهى المخططة وهى القائدة لتلك الجماعة أو الدولة ضروري يكون فى نتيجة ونجاح

لكن أنا لا أحترم إسرائيل ولا أنا معجب بما حققته من نجاح لأنه كله قام على الإجرام بكل أشكاله. ده نجاح تطلب أحط أخلاقيات عرفها البشر

Mustafa يقول...

هي نفس العقلية اللي كان الامريكان بيحاربوا بها الانجليز للاستقلال و هم اضعف بكثير و لقتل الهنود الحمر لثبيت اقدامهم في القارة الجديدة باي ثمن. و عقلية جنود هتلر لغزو اوروبا كلها. و عقلية الانجليز في الصمود تحت وطآة القصف النازي. و عقلية اليابانيين لتدمير بيرل هاربور و غيرها. و عقلية الجنود السوفييت حتى وصلوا لبرلين. و حتى الامريكان في انزال نورماندي. و الفييتناميين ضد الامريكان و غيرهم. و الافغان ضد السوفييت. و الهنود و الصينيين و غيرهم.. دي حاجة مش عندنا للاسف. او على الاقل غابت من عند شعوبنا خالص. زي ما كانت غايبة عن معظم الغربيين لحد قرون قريبة. هي مزيج من الوطنية و الكرامة و الجهد و الوعي و الحماس و التفاني و الهدف و القضية و الاخلاص و الاتقان. حاجة زي العقيدة القتالية عند العسكريين. اعتقد ان كلمة الوعي دي انسب حاجة .يمكن حتى اللي جاي في بالي كلمة الوعي بالمعنى الانجليزي. حتى لو كانت القضية مبنية على كدبة او تزييف حتى لو كانت القضية هي القتل و التدمير. حتى لو كانت القضية هي ان تحصل على وظيفة. لكن احنا مش عارفيين احنا هنا ليه بنعمل ايه و ليه. عقد الاجتماعي مختلف تماما.
الاسرائيليين مش استثناء لانهم مجموعة من كل الدول الاوروبية تقريبا. و نشأة اسرائيل زي امريكا بالظبط. نفس القتل و التدمير. و زي ما امريكا كانت نسخة اوروبية محسنة علميا و تكنولوجيا بس كمان اكثر تصميما على تعظيم نفسها بآي ثمن. و قطعوا شوط كبير في قضيتهم. فكذلك اسرائيل النسخة رقم ٢ المحسنة اكتر في سبيل قضيتهم

lastknight يقول...

أشترك معك فى انبهارك بالكيان الشرير .. فعلا أنا مبهور به .. و جل همى هو معرفة كيف تفوق هذا الكيان الشرير علينا جميعا ..؟
أظن السبب الرئيسى هو ... فى أسرائيل يمارس الشعب الديموقراطيه بحذافيرها .. فرئيسهم و حكومتهم منتخبين .. و خاضعين تماما للمحاسبه الشعبيه و القانونيه .. ببساطه أسرائيل شعب يفرض على حكومته أن تحقق مصالحه أو تذهب و يأتى غيرها .. بينما نحن .. يفرض علينا حكامنا أن نخدم مصالحهم أو .. فل نحترق و يأتوا بشعوب غيرنا
لله درك .. قلبت المواجع

د وفاء صلاح يقول...

مرحبا يا شغف
رأيي مختلف قد أنبهر بشيئ جبار و منظم و شديد الذكاء قد يعجبني ملمح منه...أما الاحترام فلا يمكن إلا لما هو نبيل..أعتقد أن التعبير خانك قليلا
أو ربما رغبة دفينة في جلد الذات
بالمناسبة..سيسعدني لو مررت بمدونتي المتواضعة :)
وفاء

Mustafa Rizq يقول...

لا انبهار، لا تعجب، و بالطبع لا احترام.

فقط أتفهم ما يحدث، ما يحدث من قِبَلِنا، ما يحدث من قِبَلهم، ماأدى إلى كل هذا، و ما سيؤل إليه الوضع في حال كذا... أو في حال كذا...

بعيدًا عن كل ما لا يمكن قراءته في ذلك التاريخ الأبدي التطور، لم يفعل أحد من العالمين ما مُنع عنا، نحن فقط لم نجتهد، لم نحاول، لم نفكر... ثم ننبهر؟!

عذرًا، و لكن بماذا؟

كنا في ذات يوم - و بعد نكبة - على أرض سواء نحن و إياهم، لو نتعجب من موقعهم فوقنا فبالتبعية نتعجب من موقعنا تحتهم، و في الحقيقة لا أجد موضعا للتعجب في هذا الموقف، ربما الخزي، الألم ، الندم، السخط، اللوم، الـ................ قد تطول القائمة جدا، ولكن بلا احترام و لا تعجب، فالأمر مازال يعنينا و نحن طرفه، و لا يتعجب او ينبهر إلا المُشاهد.

أو ربما نحن كذلك؟

كرانيش يقول...

اختلف انا ايضا معك
لا احترم ابدا من قتلونى ومن هدموا بيتى بل من هدمونى كليا بلا هواده
واحتقرهم بشده
كما احتقر ذلك الدراكولا ذو الطبع السادى الذى يتلذذ بدماء ضحاياه
واحتقر تلك الاساسيات التى يضعونها ويسرون اثرها
قلت اساسيات بدلا من مبادىء لانهم وبكل فخر لا يمتلكون مبدأ واحدا سوى التلذذ بعذاب غيرهم

تبا لهم
ثم تبا لهم
ثم تبا لمن عودونا على الضعف فاعتدناه

شغف يقول...

عدى النهار :
معك جدااا فيما ابتدأت به .
ربما خانني اللفظ قليلا ربما بالنسبة لاحترام إسرائيل ، فبالطبع هي ككيان لا تستحق هذا ، هو ربما إحترام لكونها تعرف طريقها و لا تحيد عنه، و لم تدع غيره ، فلم يعرف عنها أنها ترنمت بالانسانية أو الأخلاقية من قبل ... بالأمر بعض السخرية بالطبع





مصطفى ( الشيخمه ؟ ) :

بالظببببببببببط
همه عندهم إيمان يمكن .. إنتماء جامد يمكن ... ( عقيدة ) - زي ما انت قلت - أكيد ... و المشكلة إننا للأسف فقدنا يقينا و إنتماءاتنا لحاجات كتير من زماان ، و ما عادش فيه مصداقية لحاجات كتير ، و لا موقف محدد لينا إتجاهها . منور

شغف يقول...

الفارس الأخير :
:) ذكرتني ب جماعة " المولعين بجاز " في رواية إبراهيم عيسى : مقتل الرجل الكبير .

على فكرة ... أصلا الشعب عندنا ما عادش موجود .
ببساطة مافيش أبسط قواعد الوعي السياسي عند الجماهير . و الانتخابات عندنا صورية جدا ، و مافيش حد مهتم بيها بشكل حقيقي م الشعب ده نفسه ، بصرف النظر بقى عن هل الانتخابات دي هاتغير و لا لأ
إحنا محتاجين " تغيير الشعب " في البداية ، قبل تغيير الحكومة أو تغيير الرئيس




رهف : :)

لم تكوني في حاجة بالمناسبة للتوقيع باسمك تحت التعليق ، فلقد عرفت كينونتك عندما رأيت الاسم .
مبرووووووووك المداونة ، أخيرا!!!!!!!

شغف يقول...

مصطفى رزق :

بالطبع نحن كذلك ... مشاهد ليس إلا ، و مشاهد يمنع عن نفسه الرؤية و الاهتمام و التفكير و اتخاذ موقف معظم الوقت .

مازلتُ منبهرة و متعجبة حقا .. ليس منهم - كما ادعيتُ في البوست - فحسب ، بل بالفعل منـ ا ( أتعرف صرتُ أفكر كثيرا قبل التحدث بشكل فيه انتماء لهذا الكيان أيا ما كان مسماه : عربا / مصريين )





كرانيش :

تبا لذواتنا ، فهي أول من رضت الضعف و الاستكانة و انساقت لهما معتادة