الأربعاء، فبراير 25، 2009

إلى حبيبي الذي لم أعرفه بعد 7

عزيزي :

كنتُ أشعر بالإنهاك و الضيق ، فلم أستطع التعامل بحكمة مع الأمر ...
كان رنين ذلك الرقم الغريب يتواصل يوما ً وراء يوم بإصرار غريب ... حتى بعدما رددت و أغلقت الخط في وجه صاحبه مرتين ، قال لي في الأولى أن صوتي يعجبه ، و في الثانية أنه يحبني .. تصور ! يحبني مرة واحدة ! أشعر الآن فقط – و أنا أفضي إليك بالأمر – كم هو طريف و مضحك !
و في الثالثة فتحت الخط لمدة دقيقة دون أن أتحدث ، أو حتى أنصت ( شريرة أنا قليلا ، أعرف :) ) .... ثم صرت أتجاهل الرقم تماما بعد ذلك ....
حقا ً لم أكن أشعر بالإستياء إتجاهه ، كانت يغلب على ّ الإشفاق و التعجب إتجاه ذلك الشخص و من هم على شاكلته – و هم كُثر - : أولئك الذين لا هدف لهم أو طموح أو حياة حقيقية ، تقتلهم الوحدة و الفراغ ، و ربما المشكلات ، و ليس لهم إلا تمضية وقتهم في معاكسات تليفونية / أو حتى معاكسات مباشرة في الطرق / ... أو ( معايشة الدور ) مع أي فتاة قد تصلح لذلك / ثم تقبل به / ... ليبوح لها بالكلمة السحرية : ( أحبك ) ، منتظرا ً منها أن تطير فرحا ً ، أو – كعادة البنات – تتمنع قليلا ً ( لزوم الأدب و التقل ) ، ثم أمام الإلحاح الذي يفتت القلوب تنصبه لها فارسا ً !
و لأني لم أكن في مزاج معتدل ، و لأني كنت أشعر بالإنشغال و الضغط ، و الإنغماس في محاولات الطرق على الأبواب المواربة و انتظار أن تعلن لي مواقفا ً صريحة ؛ لم أستطع ممارسة الحكمة أو التعقل أو القيام بسلوك إيجابي إتجاهه ... فقط أغلقت الخط متعجبةً أنه مازال هناك من "يعاكس" ، و بهذه الطريقة الفجة ......فذهني لم تكن به مساحة كافية لشيء آخر...
في وقتٍ آخر غير هذه الفترة ، لما كنت أغلقت في وجهه الخط أو تجاهلته ، لربما كنت لأضحك و أجاريه قليلا – كما نجاري الأطفال بسؤالنا لهم عن تصوراتهم عن الأشياء - ، ثم لأشير له إلى طرقٍ أجدى و أنفع عليه من العبث بهذه الطريقة ...
أشعر أني أكثر نضجا ً الآن ... فقد مضى ذلك الوقت الذي كان على الفتاة أن تظهر تجهمها الشديد و تبرمها و ضيقها من فتى يتعقبها ، بينما في داخلها تشعر بلذة آثمة خفية من أن هناك ثمة من هو معجب بها ...
لا أدرك هذا الآن فقط ... بل ربما منذ عامين تقريبا .. أو ربما أكثر .. في ذلك اليوم الذي سمعت فيه خلفي في الشارع فَتيان يوجهان لي جمل غزل ما ... لأفجأ داخلي بتلك الرغبة في أن ألتفت إليهما ، أنظر لهما مباشرة ، و أبتسم تلك الابتسامة – التي تبتسمها لطفل يحاول لفت إنتباهك ، التي تعني : " يا ختي كميلة ! تيتة خدت بالها خلاص ، روح روّح بقى " ، أو شيء من هذا القبيل ...
كان واضحا ً داخلي جدا – ربما لأول مرة – شعوري بأنه سلوك " عيالي " جدا أن يقوم أحدهم بالمعاكسة ... و أني لستُ متضررة أو متضايقة – كما كان يظهر على وجهي سابقا ً ، و لا أشعر كذلك بأدنى تقبل داخلي لأي مما يقال : عادي !
ليس إلا أمر جدير باستدعاء الشفقة حينا ً ، و الدهشة حينا ، و الاستخفاف حينا ... و استصغار عقول هؤلاء أغلب الوقت ...
ربما ما يضايقني حقا ً هو إبتذال كلمة "الحب" دائما ... دعك من المعاكسات ... و انظر للعلاقات العادية : الزمالة ... القرابة ... حتى علاقات الشات .. تكون الأمور على ما يرام في البداية ، أحاديث عادية جدا ، عابرة جدا .... تفجأ بعدها بمحاولة العبور مباشرة إلى مرسى الحب الوردي !!
لا أعرف كيف يسمح المرء لنفسه بأن يتلفظ – أو حتى يلمح – بكلمة الحب هذه ، و هو لا يعرف شيئا ً عمن يعتقد / أو يدعي / أنه يحبه .... لا يعرفه حقا .... لا يعرف كيف يبدأ يومه أو كيف ينهيه ، ماذا يحب و ماذا يكره ، ماذا يغضبه و ماذا يرضيه ، نقاط إتفاقهما ، و مساحات إختلافهما ... خططهما للحياة و مدى إتفاقها .... لا يعرف حتى معتقداته الدينية أو السياسية أو إتجاهاته نحو البشر .... و هو لم يجرب معه مواجهة مشكلة أو صعوبة ما ، لم يره و هو حزين أو مكتئب أو غاضب أو ساخط أو عصبي .....
المشكلة الحقيقية أن الناس غالبا ً تحيا حياتها على طريقة الأفلام العربية الركيكة التي فُرغت فيها الكلمات من معناها ، و تحولت فيها الأحداث و الأفعال لمجرد حوادث عرَضية ملفقة...
و ربما هذا هو أكثر ما يجعلني أتشبث بك :
إنتظاري لنضجك .... لفهمك ، تفهمك .... و تفاديك لشَرَك الكلمات ، و ما يمكن لها أن تحمل من إبتذال ، ركاكة ، سطحية ، أو كذب .

أنتظرك
الأربعاء 18/ 2/ 2009
3:00 ل

ليست هناك تعليقات: