الاثنين، مايو 04، 2009

إلى حبيبي الذي لم أعرفه بعد10


عزيزي :


أعرف جدا أني أصبحت نموذجا فاشلا و مُحبِطا لإبنة .... لكني لا أستطيع دفع هذا أو تبديله : أنا مختلفة عنهم قلبا و قالبا ، و لم أعد أستطيع الكف عن أن أكون نفسي ، أو التظاهر بأني أحد آخر ...
تتوالى الاحباطات مني ، و بالذات بالنسبة لأمي : الزواج : الرفض حتى تأتي أنت مع عدم يقينية وجودك - لهم على الأقل - ، تحولي إلى عدم الاعتقاد في شيء ، العمل : أريد نبذ عقد الحكومة و البحث بإستماتة عن عمل آخر أجد نفسي فيه ، و أخيرا : القشة التي قصمت ظهر البعير : لم أبالي برفضها ذهابي لذاك التجمع الأدبي في مدينة أخرى ، و ذهبت ...
الأوصاف التي أطلَقتْها على هذا الفعل كثيرة : ( قلة أدب ) ، ( سايبة ) ، ( عدم إحترام ) ، ( قلة إعتبار ) ، ... إلى آخر القائمة ... لكني لم أبالي ....
فقط ... فكرت هكذا : لم أعد صغيرة ، و أصبحت في سن تسمح لي بأخذ قراراتي بنفسي و تنفيذها دون إنتظار لموافقة أو رفض من أحد ... تصرفاتي واضحة و معروفة و معروف مداها ... و لم أعد أستطيع تقليص حياتي إلى الحد الأدنى كما كنت أفعل من قبل ...
سنوات كثيرة مرت و أنا أحلم على إستحياء .. أفعل على إستحياء ... نادرا ما أطلب شيئا أو أرغب حقيقةً في شيء ، و كأن هذه الحياة ليست من حقي ... فجزءٌ أصيل في تربيتنا هو أن نتعلم كيف نخاف أن نأمل في شيء أو أن نرغب فيه ... أخاف الرفض ، فأحبط ما أريد قبل بدايته ... من المهم أن نسير في الطرق التي يسير فيها الآخرون كلهم ، لأنها مضمونة و مأمونة ، و الدليل أن كل الآخرين فيها ...
و لأني لم أعد كذلك ، و لم أعد أستطيع لعب دور الضحية المغلوبة على أمرها ، و لأني لا أحب إستمراء الشكوى أو اللوم ، و لا أحب الشعور بالمرارة إتجاه أحد .... قررتُ أن هذه هي حياتي ، و يحق لي أن أحياها كما يناسبني أنا ، لا كما يناسب غيري ... و يكفي جدا أني بالسادسة و العشرين الآن و لم أفعل شيئا بعد مما أريده في حياتي ....
أتعرف أن أصعب القرارات حقا ً هي قرارات الفعل ، لا قرارات الرفض ... صحيح الضغط متقارب في الحالتين ، لكن المقاومة و العوائق أكثر بكثير في الحالة الأولى ...
ببساطة يمكنني رفض الزواج أو الاعتقاد في شيء معين أو العمل في مجال معين أو أي شيء آخر ، و لن تستطيع قوة إجباري على فعل ما أرفض ...
لكن أن تختار بدائلاً أخرى و تحاول نحوها سعيا ، فهنا تكمن المشكلة الحقيقية : أنت تحتاج إرادة و قوة للسعي ، و هناك أيضا العوائق التي يتكاتف الجميع - و معهم الظروف - في وضعها أمامك ... و عليك أن تتحدى حتى نفسك لتتقدم نحو ما تريد ... خطوة ... خطوة ... ببطء... مع العوائق ، مع الإحباطات ، مع طَرْقك المستميت على الأبواب الكثيرة ، و لا أحد يصدر إشارة على أنه قد سمع صوت طَرَقاتك ، مع أشياء تردك للخلف الخطوات القليلة جدا التي استطعت تقدمها بصعوبة ....
هذا كله صعب جدا .... و مخيف.... لكني أوقن أنه لابد منه ، كما أوقن أن الندم يصيبنا على الطرق التي أردناها و لم نسرها ، لا الطرق التي مشيناها بالفعل ... و أنا لا أنوى الندم على شيء ، ليس هذا من طبعي ...
أنوي أن أقول لنفسي - حتى لو فشلت و مت صفرا ً ضئيلا ً على أقصى شمال العالم - أني فعلت كل ما أمكنني فعله ... أني عشت حياتي كما أريد ... أني لا أُحَمِّل أحدا آخرا مسؤلية حياتي ، و لا أحمل ضغينة إتجاه أحد ...
أتمنى لو كنتَ موجودا هنا الآن ... حتى لو تجادلنا و اختلفنا ... أحتاجك .

الجمعة 20 / 2/ 2009

هناك تعليق واحد:

Hopiz يقول...

فعلا انتى عبرتى عن كل الى جوايا و جوه كل بنت مصرية متربية تربية تقليدية وهى فى ذات الوقت مفكرة قادرة على اتخاذ قرارتها بنفسها
من اصعب الاشياء ان تستمر الفتاه فى الحياة بحياء من كل شئ و الخجل من كل من حولها ووضعها لقيود بعضها وهمى لتفكيرها والتأجيل لكل احلامها و كل حياتها حتى مجئ الفارس الذى يحمل مفاتيح الحياه لها, او هكذا تحلم
فى الغالب يأتى الفارس حاملا مفاتيح فعلا و لكنها مفاتيح لعش تحتبس فيه
و اخيرا اشكرك على مشاعرك الرقيقة و اسلوبك الاكثر من رائع