الأحد، أكتوبر 24، 2010

تعليق على أشياء تهمني 2) عروض المهرجان التجريبي

- فيه عروض كتيرة كانت معتمدة على الحركة من غير كلام لتوصيل العرض ... الحركة و معاها المزيكا طبعا و السينوغرافيا و آداء الممثليين ... منها عرض رومانيا : لقاءات ( كان عرض دمه خفيف جدا و إعتمادة على موسيقا الأفلام الأجنبية المشهورة و محاكاة بعض العلامات المشهورة منها كان مخلي الناس متفاعلة حلو معاه ) ... عرض بولندا " مسرحية عاطفية لأربعة ممثلين " و عرض إيطاليا " أوديب فوق القمة " كانوا لطاف ، لكني ما شفتش زي بقية الناس إن العرضين دول مبهرين للدرجة أو بيقدموا حاجة جديدة .. لطيف بس في العادي يعني ... – فيما عدا الممثل اللي عمل دور الحارس في "أوديب فوق القمة " .. ممثل ممتاز فعلا

- كذلك كان عرض لبنان "غوانتناموا .. معنى الانتظار " ... فكرة لطيفة ، بس اتعمل قبل كده ، مش الحاجة الجديدة أو المبهرة ... يمكن بس لفت انتباهي زميلي "عبد الحميد منصور " لفكرة إحترام الآخر و تبني وجهة نظره و مساندته اللي شافها من خلال الفرقة اللبنانية اللي ممثلاتها متحررات و ليبراليات جدا ( علق مثلا على نوعية لبسهم أثناء الافتتاح ) في حين إنهم قدموا عرض عن ست منقبات و معانتهم مع إعتقال أزواجهم في جوانتنامو ، و تهمة "الإرهاب" اللي ألصقت بيهم بكل سهولة لمجرد طريقة لبسهم ، و معاناة أبنائهم ... و إزاي إن العرض كان متفهم و متبني لوجهة نظر "آخر " بإحترام و تقدير و معايشة لمعاناتهم ... و إزاي إن خلع الممثلات للنقاب فالحجاب على المسرح ، كان توغل أكتر في ذاتهم و معانتهم و عرض للبدل البرتقالية ( لون بدل المعتقلين في غوانتنامو ) اللي أُجبروا على إرتدائها تحت نقابهم ... / و ده طبعا مختلف عن العروض اللي بيتم خلع الحجاب على المسرح كدلالة على التحرر ، إلخ / أنا مش ضد ده طبعا ، بس ضد إنه يبقى موضة و إن ما يبقاش فيه رؤية جديدة أو تقديم مختلف / ...

- عرض البرازيل : "الحقيقة تقريبا " قايم على فكرة كويسة قوي ، و على تكنيك كويس : عرض وثائق معينة كدليل على التوثيق و الحيادية ، في حين إنها ذاتها مجرد أدوات قابلة لإعادة التعريف دايما و لإعادة تقديم الحقيقة ، بس شايفة إن العرض قدم ده بشكل بدائي نوعا ، و ما لعبش كويس بالتكنيك المبدع اللي عنده ، بل قدمه بشكل رتيب ...

- عرض كرواتيا "صانع الأحذية و الشيطان" ... كان فيه كام لقطة لطيفة ، و الفرقة كان دمها خفيف جدا بمجرد حضورهم و حركتهم ، و كان فيه تشكلين تلاتة بحركتهم كانوا حلوين ...

- عرض لبنان التاني "كافكا و أبوه و الخنزير و الذئب " .. كان مقلب معتبر ... لا يناسب كافكا و لا حياته و لا إبداعه ... و استغل خطاب كافكا لأبوه استغلال سيء عيالي ... لو فريق مسرح في إعدادي كان عمل العرض أحسن من كده .. عرض مباشر جدا و سطحي و ممل جدا وجالب للكآبة جدا بالإسودات اللي ملت المسرح

- عرض بنجلاديش "قصة حياة أروج" كان عرض كويس ... حسيت إني بأشوف نفس القصة المعتادة للشخص المختلف اللي بيعاني من مجتمع منغلق على أفكار معينة ، المجتمع اللي بيخاف من الأسئلة اللي ممكن تخليه يفكر ، المجتمع اللي بالنسبة له الكتب رجس من عمل الشيطان ، و العلم و التفكير ضد الدين ، و تقبل الآخر ضد وجوده ذاته ... العرض اللي كان فيه كلام كتير ما كنتش فاهمه منه حاجة بالطبع غير عدة جمل بالعربي :
- السلام عليكم / أستغفر الله / إنا لله و إنا إليه راجعون ...
و كلمة واحدة بالإنجليزي / يبدو إنها التهمة الجاهزة سلفا لأي حد عنده وجهة نظر مختلفة في أي شيء / :
Communist
( انتَ شيوعي ؟ )
و اللي طبعا بيتم على أساسها الإعتقال و السجن و ربما الاعتداء الجسدي ..
العرض كان توليفة حلوة ما بين مشاهد تمثيل و مشاهد حكي و آجزاء غنائية و بعض الرقصات الشعبية اللي بتقدم أحداث بعينها ، ده غير تكوينات حركية معبرة جدا و بتلقي الضوء بقوة على حالة البطل "آروج" لما بيتاخد منه الأوراق اللي بيكتب فيها ، و إزاي الناس المكممة الواقعة على الأرض العاجزة عن الحركة بتعكس الحالة اللي كان حاسس بيها ، و الأشباح اللي بدأت تهاجمه و خوفه منها لحد لما بترجعله أوراقه و كأنها تعويذة بتنسحب قدامها أشباح الظلام ... فيه ممثلة كان صوتها حلو قوي ، ده غير إنها – من غير أي مكياج – اتنقلت بين كذا دور مختلفين جدا / منهم ست عجوزة جدا ضريرة ، و منهم الشابة المفعمة بالحيوية ، و منهم أحد الأشباح .... بنت فعلا مش معقولة ...
ده غير إن البانفليت بتاعهم كان بانفليت محترم ... و الغريبة بقى إن فيه شركات كانت sponsor ليه و للعرض : شركات اتصال ، و شركة مشروبات و مجلة ما ، و أكاديمية تعليمية عندهم ... الناس عارفة إن العرض طالع يمثل بلادها ، فمساندة العرض المسرحي و عاملاله كتيب شيك بدل البانفليت ، و حاطين إعلاناتهم معاه ، و عاملين دعاية للشواطيء في بنجلاديش و للأكاديميات التعليمية عندهم ...


- من أجمل العروض اللي شفتها برضة عرض " 451 فهرنهايت " ... و نلاقي نفس اللي لاقيناه في 1984 و مزرعة الحيوان لجورج أورويل ، و "عالم رائع جديد" لألدوس هكسلي : المجتمع الشمولي اللي ممنوع فيه الإنسان إنه يفكر أو يقرا أو يحس ... و كل اللي مسموح له إنه يتحول للآلة تابعة للنظام ...
النص المسرحي المعتمد عليه العرض قوي في ذاته ، و في نفس الوقت مقدم ثراء بصري حلو جدا و عن طريق حاجات بسيطة /: ألوان ملابس الممثلين ، تقسيم المسرح لتلات مناطق ، منطقتين فيهم عبارة عن ستارتين شفافتين بيتم آداء بعض الحركات ورائهم كعروض ظل بشكل متوازي يفعل الإحساس بالتناقض و الاحساس بإنهيار التعامل الإنساني ... الراجل اللي بينشر الورد في الشارع ، و البنت البريئة اللي لبسها زي الفراشات اللي ماشية ترش الورد بالمية ، و قدم السلطة القاسية اللي بتسحق الورد أو تشوطه عن الطريق ... الكتب اللي بتبدأ المسرحية بيها بتتحرق مع واحدة متهمة بالقراءة و التفكير ، و اللي بيتقبض على أي حد و في حوزته كتاب ... الزوجة التابعة للنظام بتصرفاتها ، و مع ذلك من البداية و حتى النهاية و هيه بتاخد مهدئات ، المزيكا العالمية المستخدمة : سيمفونية بيتهوفن الخامسة و حتت لموزارت و جزء من بحيرة البجع لتشايكوسفكي ... و استخدامها في مكانها من ناحية و كرابط عضوي حقيقي لمشاهد العرض ، و إعطاء الشعور بالألفة معاها ( قطع موسيقية مشهورة فعلا عالميا ، و تم استخدام أكثرها كموسيقى في الأفلام العربية القديمة ) ... آداء الممثلين الهايل ..


- من العروض الحلوة جدا برضة عرض المغرب : "أًمُرُ " = I pass = je passé ( من المرور ) :) عشان بس كنت قارية العنوان غلط في الأول ...
و على الرغم من إن اللهجة المغربية كانت صعبة برضة على معظم الناس و أنا منهم ، و ما لقطتش كتير م الكلام ... لكن العرض كان حلو جدا .. واضح أولا إنه مبني على نص قوي ... إيقاعه حلو ، فكرته حلوة و مختلفة ، و البنا بتاعه و الطريقة اللي بيبدأ بيها و بيتشابك و بيتم فيها تحولات للشخصيتين و الطريقة اللي بينتهي بيها ده كله بيقول انه نص قوي ...
بإختصار العرض بيتكلم عن شخص قبيح اتجوز واحدة قبيحة ، و الاتنين شافوا كمية من التريقة يوم فرحهم ، و بتوصلهم هدايا على البيت ، فبيقرروا ما يخرجوش للناس اللي اتريقوا عليهم ، و بيبدأوا في فتح الهدايا و اقتسامها ، و الخناقة عليها أحيانا ، و الخناقة على مين اللي يفتح الباب و يجيب الهدية اللي جاية أحيانا أخرى ... و تبدأ مكاشفات ما بينهم ، و إعترافات و إغاظات ، و صراعات أو مسابقات للحسم فيما بينهم و جدال و خصام ثم محاولة للتراضي ... الممثل و الممثلة اللي عملوا الدورين من العيار التقيل : ممثلين ممتازين و عندهم حيوية مش معقولة و قبول حلو قوي على المسرح ...
العرض فيه حس كوميدي حلو نابع من المواقف اللي بتدور ما بينهم على المسرح و طفولتهم أحيانا و طريقة تبريرهم للأمور أحيانا تانية ، و التفسيرات المختلفة عند كل طرف من الطرفين ... زي الوردة الحمرا مثلا اللي أهداهلها لما تعارفوا ... و فيه ملمح إنساني حلو قوي عن مسألة تقبل الذات ... و كان مضحك و مؤلم في نفس الوقت اللحظة اللي كانت الهدية بتاعتهم مرايا ، و بعد ما كانوا بيتنازعوا على مين فيهم اللي ياخد الهدية ، انقلب الوضع و حاولوا التخلص منها بكل طريقة .. و لما حاولوا يحسموا موقف ما بينهم اتفقوا في لحظة طيش ان اللي هايقدر يبص في المراية أكتر هوه اللي هايبقى كسبان ، و طبعا ما حدش فيهم قدر يبص فيها أصلا ... محاولات التراضي اللي كانت بتم على مضض : "صافي؟ " "صافي." ، و همه أصلا مش قادرين يبصوا في وش بعض ، و اللي مع المكاشفة و القرب و التماس الإنساني و في لحظة فزع و إصابته بالصرع ، بتخليه يتمسك بنظرتها : " شوف عيني ، شوف عيني " .. ساعتها بس بيهدا ، و بتطلع كلمة "صافي " منهم همه الاتنين بطريقة مدهشة فعلا .. من العروض اللي فعلا مبسوطة إني شفتها و ما فوتهاش ..

- من العروض الجامدة جدا ، على الرغم من وجودها على هامش المهرجان – العرض المصري "الرجل ذو الوجهين " .. العرض مافيهوش و لا كلمة ... معتمد على الإبهار البصري ، على التعبير الحركي ، على الرقص ، الموسيقى و الألوان و الإضاءة بالطبع اتعمل بيهم شغل هااايل ...
كان فيه خدع مبهرة : يتقطع ايد أو رجل أو راس تطير في الهوا ... أو راجل يبقى براسين ... حاجات تطير في الهوا و تعمل جو سحري كده ... و ده كله عن طريق لون الخلفية ولون ملابس الممثلين و الإضاءة ...
ده غير إن العرض بيطرح رؤى و أفكار في إطار درامي : فكرة السلطة و محاولة قهرها و آخدها لمزايا بالقوة ... فكرة السيطرة على الآخر / الشعب / الأنثى .. فكرة تبادل السلطة العنيف و إزاي ان الطرف الأضعف لما بتقوى شوكته و يتغلب على السلطة الظالمة ، هوه نفسه بيتحول لنفس النموذج اللي كان ثاير عليه في السلطة دي ... بيلمس على فكرة آدم و التفاحة و السقوط ... الحب و السيطرة العاطفية ... عرض حلو بجد .. غير العرض النص لبة اللي اختاروه كأحد العرضين اللي مثلوا مصر في المهرجان : "عرض ظل الحمار " اللي مالوش أدنى علاقة بالتجريبي أصلا .. هوه عرض "تهريجي " و ليس تجريبي ...
( هايتعاد عرض "الرجل ذو الوجهين " بالمناسبة خلال الفترة اللي جاية على مسرح العرايس لمدة أسبوعين )

ليست هناك تعليقات: