الجمعة، يناير 06، 2017

د. نهاد صليحة.. بداية جديدة

"المسرح بين الفن والحياة" 

ربما كان هذا أول ماوقع في يدي وأنار أمامي الاسم بحروف مشعة بالشغف والصدق والفهم "نهاد صليحة" وأنا بعد في جامعتي الاقليمية ربما.. وأعتقد أني تمنيت لحظتها أن أقترب من هؤلاء البشر المدهشين الذي يكون حضورهم في ذاته حياة...

تقاذفتني السنوات ومجالات عمل مختلفة لأجد نفسي في عالم المسرح؛ وفي القاهرة؛ وعلى مقربة ممن أشعت حروف اسمها في ذهني منذ مايقرب من عشر سنوات او اكثر..  بل أتحدث إليها وتناديني باسمي ويحتضن أحدنا الآخر إذا ما تصادفنا بهذا العرض أو ذاك..  أو بتلك الفاعلية أو هذه!!!

بالطبع دوما ما كنت أشعر بالارتباك وبعدم قدرتي..  بل عدم رغبتي في الاقتراب أكثر...  ولم يكن يخطر بذهني أصلا كيف يمكنني الاقتراب؟
مصادر النور مقدسة لدي درجة الحفاظ على المسافة والاكتفاء بالاشعاع من بعد.. أنا جبانة..  أعترف.

****×***

لا أعرف لم أبكي الآن موتها؟!

عندما ماتت أمي..  كنت أبكي حياتها...  كنت أبكي أنها لم تحيا حياة جيدة..  بل تعايش مع المرض واستسلام لتجارب الأطباء وهرائهم من ناحية؛ وحياة لم تختر شيئا فيها ولم تستمتع بها كما ينبغي من ناحية أخرى.  كنت أشعر أنها ماتت دون أن تستفيد شيئا.. سارت فقط في كل الطرق التي كان يدفعها من حولها إليها حتى فيما يتعلق بجسدها وأوجاعه...  لم تستطع آخذ قرار في شيء.
كنت أبكي لأن روح أمي أتت الدنيا وتركتها دون أن تنمو.

*******

د. نهاد صليحة لم تحيا فقط بملء الحياة.. حتى ولم أقترب منها شخصيا بذلك القدر أستطيع القول بأنها عاشت ملء الحياة وملء الأسماع والأبصار والقلوب والعقول.
عاشت ونثرت الحياة في كلماتها بالكتب وفي صدور كل من عرفها ولو لخمس دقائق فقط..
يكفي أن تراها من بعيد لتشعر بحضورها المميز المتألق..
71 سنة!!!
تلك السيدة كانت أكثر شبابا منا بكثير...  بحماسها..  اهتمامها...  شغفها...  جديتها...  وصدقها.. 



******
"رحلت.......
"وداعا......
"فقدنا اليوم.....

لا أجد لهذه الكلمات معنى.. فلم ترحل بل بقيت. لم نفقدها..  بل كسبناها دوما...  كسبنا وجودها الذي كان عندما كانت جسدا وروحا...  ومازلنا نكسب ذاك الوجود المستمر الذي تركته داخلنا.

*******

لا داعي للبكاء..  مثل تلك الروح جاءت الحياة وامتصت رحيقها حتى  آخر قطرة..  لم تفقد منه شيئا..  تلك الروح ناضلت بطريقتها وتركت أجزاءا منها موزعة في نفوس المئات أو ربما الالاف.. واثقة أن تلك الروح نضجت منذ تطلعها الأول في وجه الحياة إلى  أن لوحت لها وداعا.
أؤمن أنا في أن الروح عندما تحقق الـ "scores" المطلوبة منها في حياتها التي تركتها فإنها تنتقل إلى حياة أخرى أكثر رقيا من تلك التي عاشتها...
لا أعرف هل هناك مرحلة أكثر رقيا من تلك التي وصلتها نهاد صليحة؟
لكن كل ما أعرفه هو أنه ربما في هذه اللحظة التي نبكي فيها موتها وفقدها...  فإن روحها تولد من جديد في مكان ما قريب. 



ليست هناك تعليقات: