السبت، مايو 19، 2007

إفتراق مرجَ البحرين


لا يدري قيمة الأشياء إلا من خبر معناها
و لا يدري معنى الأشياء إلا من فتنته دقائقها
، ففتن لحسنها الخفي و رقتها المخبوءة ، و تَلَمَس ندوبها القديمة التي ما بقي منها سوى أثرٍ يحار المرء في الالتفات لوجوده أحيانا ، و في تسميته أغلب الوقت .

الاسم ----
ذاك الدقيق الرقيق ، الحامل بين جوانحه خفايا معاني المسميات --- ذاك الذي حاصروه في مملكته ، فصار ملكا بلا سلطان و لا رعية يبسط حماه عليها
صار مصمتا ، صامتا ، لا عمل له سوى إشارة ٍ مبهمة ٍ يهمهم بها في لغةٍ يمنحها بنو البشر عجزا متناميا
أو --- ربما --- يمنحون حياتهم شيخوخةً مبكرة ً تكثر فيها المترادفات ، و تقل فيها الأشياء و المعاني ، و تُختلس الفروق و الملامح ، و تفقدُ جمل الفعل رونقها

آآهٍ أيتها الجمل الفعلية !!!

امنحيني يا جملة الفعل الساحرة ثقة فعلك ، و جرئة تقدمه ملامحك ---
أيها الفعل : كن ذكيا حكيما --- اختر فاعلك اسما جديرا بك – لا تجعلن كثرة الأسماء / الأشياء تربكنك --- حددن اسما واحدا من البلايين
بل ؛ حددن خطوتك بدقة قبل أي شيء
سل روحك أيها الفعل ماذا تريد أن تفعل ؟ لأي خطوة تريد منح زمنك و طاقتك ، و بسط حماك و سلطانك ؟
أيها الفعل : تذكر فجرك القديم أنت أيضا
تذكر أيام كنا نمنح الحروف َ وطنا ً فتأمن و تستأنس و تتصاهر و يصير الوطن كيانا متجانسا مميزا
تذكر جدية الحروف و إخلاصها
تذكر ابتسامتك المتألقة بها و لها
تذكر ذاك الكون الذي تحمست لخلقه
تذكر تميمة الخلود التي حاولت التمتمة بها
و تذكر سلما كانت تمده للسماء ، و وثيقة وجود تمنحها لكياناتٍ جديدة
أيها الفعل : لا يخدعنك تشابهٌ ما سمح برزيلة الترادف
و ستَرَيَنَّ أنك ستجوب بلادا و أقطارا لتعود من " أدون " إلى " أكتب " --- ستريَنَ بعد المسافات و كثرة الخطوات
خطوات لم تفصح لك عن مسماها حين خطوتَها ، فلم تكترث لأمرها
فصرتَ متواطئا مع الثرثرة حينا ، و مع التلكؤ على عتبات الافتعال حينا ، و على عتبات اللاجدوى أحيانا ، و على عتبات الملل ، و التكرار ، و ------------- تعرف أنت

أراك تتذكر تلك البلدان المؤقتة التي ما انتمى فيها حرفٌ إلى حرف إلا فيما ندر ، و قل أن وُلد بها كيان
أراك تتذكر تلك العجلة في صنعها --- فقط ---- لتقنع نفسك أنك مازلت تقوم بدورك ك " فعل " --- فإذا بك تستهلك قواك ، و تخر واطئا تحت أقدام مادة " د و ن " التي ما أضيف إلى المعجم بعد ما صارت إليه
أراك تتذكر ابتسامتك المرهَقَةَ الملولة للحروف ، و ملامح سأمك الناطقة :
" لا شيء يهم "

أيها الفعل : عد إلى بهائك و قوتك --- عُد : كتبَ .... أكتب .... يكتب .... تكتب .... سأكتب .... اكتب .... يكتبان ... تكتبان ... يكتبون ................
خذ من مادة " ك ت ب " حمى و ملجأ ، و دُر في أفق أزمنتك كلها ، و استدع كل من يمكنهم حملكَ كقائدٍ لخطاهم
أيها الفعل : اجعلني ضميرا مستترا في مداك " اكُتب " ل ( أكون

الاثنين، مايو 14، 2007

وقفات


وقفةٌ أولى : ما بين فجر ٍ جديدٍ ، و آخرٍ قديمٍ مستعاد

" سأ َكونُ فجرا ً جديدا ً
سأترك سذاجاتي الطفلة َ و امانِّيَّ السَحابية على أعتاب ذاك الفجر القديم
سأفتحُ كفيَّ لتولد رياحٌ قويةٌ تدفعه ُ بعيدا بكلِ ما يحمل --- فلا حاجة َ لي في استعادةِ فجر ٍ قديم "

هكذا فكرتُ في لحظةٍ ما ، و هكذا صرتُ لا أبالي بفجريَ القديم

تتلون الأيام بي ، و أنا على أكُفِها ، لأكتشفَ الزمانَ – حقا َ – فجرا ً قديما ً مستعادا ---- لا حيلة َ لي في الهروبِ من استعادةِ ملامحه --- ما عشته منها ، و مالم أَعِشْ
لأكتشفَ أن فجريَ القديم لم يكن فحسب تلك الملامح التي كونتني ، أو تلك اللحظات التي عاشتني أو أولئك البشر الذين عبروا سبيلي أو مروا بسمائي
بل هو فجرٌ وُجِدَ قبل أن أُوجد --- بطعمه ، ملامحه ، رائحته ، ملمسه ، أصواته ، دقائقه --- و ليس لي افتعال جِدةَ ما لحياتي
بل ، فقط --- أن أحيا لاستعادته بصدق ٍ من داخلي و من كل ما حولي

************************************


وقفةٌ ثانية : عفوا ً أيها التدوين


" مُدَو ِنة --- بلوجر "

ليس هذا اسمي أو صفتي
و لن أُعلنها يوما : " أنا مُدوِنة أرفض كذا --- أو أقبل كذا ---- أو أريد كذا "
عفوا ً أيها التدوين --- سأتجول في سمائك ، لكني أردُ حِماك
فقط – سأحاول الكتابة كما كنتُ أعيها في سمائيَ الأولى : حلمٌ يتشكل حروفا ً
موقفٌ من العالم يعلن عن ذاته برونقٍ و كبرياء
رقيٌ إلى عالمٍ أفضل
عالمٌ سحري أخطو إليه فيبتلعني إلى حيث ألوانه و أصواته و أصداءه التي ليس مثلها شيء
أيها التدوين : سأستعيد لغتي --- سأستعيد ملامح حروفي ثانيةً من بين كفيك
أيها التدوين : عفوا ---- لن ( أدون ) بعد اليوم --- فقط ---- سأكتب