الأربعاء، نوفمبر 29، 2006

رسمة

أرسم وردة
في حجمِ الفرحِ الجامحِ ، تزهو
تتحدى سكيناً تشحذها الريحُ الدامية ُ المسعورة
و جبالاً - أرسمُ - و براكين
و عينينِ كطفلينِ وديعين
و أماً تحملُ طفلاً حافية مذعورة
أرسم شمساً ملقاةً نصفين
على الأسفلت
و فاتنة ً تستقبلُ عاشقَها
و دماءاً في الغابات
و خُوَذ َة َ جندي
و قميصاً ثقبتهُ الطلقات
أرسمُ قلبي

عنتر مصطفى

الثلاثاء، نوفمبر 21، 2006

و وعدت الشمس بالماء


*" ها ؟ بقيت كويس كده ؟"
قلتُها بعد أن أنهيت التغيير على جُرح صدره ..... ابتسم ابتسامةً واهنةَ أن " شكرا " ربما ، أو " اجلسي قليلا " ربما ، أو " قليلا لكن ليس تماما ، مازال أمامك عمل " ...
" احنا مش عاوزين دلع بقى .... انت تخف بسرعة كده "
رغما عني ، لم تخرج الجملة بأي قدر و لو يسير من الجدية ... بل؛ ملأت ابتسامتي كل حرف منها
" عاوزة تخلصي مني و لا إيه؟"
" بصراحة آه ... فيه مانع ؟ "
و كما يحدث ، بدأ التحول إلى الناحية الأخرى من الكلام
اعتدل في السرير قليلا ، و بنظرة تحاول اقتحاما لأفكاري : " أُمال ليه تطوعتي انتي بمهمة معالجتي و رعايتي ؟ "
" ليه ؟ " --- بلهجة حانية أحال برودة الصمت شمسا دافئة
" علشاان .. علشاان .. علشاااااان " ادعيتُ تفكيرا عميقا ... ثم ، " علشان كده " بطفولة قلتها
" مش بيقولوا هنيالك يا فاعل الخير ، و لك الأجر و الثواب ؟"
" ايه ده ؟ انتي هاتشحتي عليا و لا إيه ؟ لا لا لا ... الكلام ده ما ينفعش "

***********
كان الماءُ يتراءى على البعد ... و كلما زادت رغبته فيه و أمله القوي في الحصول عليه ، ازداد إحباطا و كآبة عندما ، فيجبره الواقع على تذكر الفزياء ، مجابها له بسخرية : أن يا بليد هناك ما يدعى السراب ... كف عن نسيان المعلومة ... لكنه لم يكن لييأس ، و لماذا يفقد إحتمال أن يجد الماء في أحد تلك البقع فيشرب و يرتوي ؛ حسنا ... فليتتبعن الانعكاسات البعيدة بلا أمل ---- ليذهبن إلى السراب واثقا من كونه سراب ، و عندما يصل ؛ فقط سيضحك بلامبالاة و بقدرٍ ما من السخرية ، قائلا في شبه ثقة : " أرأيت ؟! سرابٌ لا أكثر "

*************
" بص بقى ... الكلام ده ما ينفعش خااالص "
" كلام ايه ؟"
" الضيق اللي على وشك ده ... حرام عليك ، ده انت رايح تنام "
" يعني الحلم مش هايجي عشان رايحله متضايق ؟ ماهو كده كده مش بيجي "
" لأ مش عشان الحلم ، لكن عشان الصبح اللي جاي
اللي بيموت على حاجة بيُبعث عليها ، صح ؟ "
" يمكن "
" طب اعرف بقى .... و اللي بينام على حاجة برضه غالبا بيقوم عليها ... صفي نفسك قبل ما تنام ... اغسل وشك بابتسامة و ما تنامش غير لما تصالح نفسك و تصالح اللي حواليك جواك "
" ده أنا كده مش هانام خالص"
" ياااااه ... انت زعلان من نفسك للدرجة دي؟ تصدق أنا كمان زعلانة منها ؟ ايه رأيك نتفق عليها و نجيب اللي يديها علقة تمام يعرفها إن الله حق.؟"
أنارت ابتسامةٌ وجهه
" أيييييوة ... بس كدة .. ثبت اللقطة ع الابتسامة دي .. دي رضا قوي .. و يالا روح نام بسرعة قبل ما ابتسامتك ترجع في كلامها تاني "

************
كثيرا ما تعمدَتْ مضايقته بشكل يدو أن لا دخل لها في هذه المضايقة و هذا الاختناق ... بل بطريقة تبدو معها بريئة هادئة لامبالية ، و كأن لا شيء هناك لتلاحظه
فقط... تظن أنها امرأة واحدة لرجل واحد ... لا تريد تجاربا أخرى ، لا تريد أشباها ... لا تريد أن تعيد خطئها القديم ، فترسم ملامحا ليست له ، و تنتظر أشياءا منه قد لا تحصل عليها أبداً
حاولت ابتعادا ، لكن خيطاً مرنا يجذبها إليه في كل مرة ، و ندمٌ قاتل يغزوها لكل ذرة حزن تتسلل إليه
لم تستطع حلما ، لأنها لم تنم ، و لم يكن هناك من صباحٍ أسعد لعدم وجود الحلم السعيد
**********
" برضه مش فاهمِك "
" اصبر بس"
" ما قولتيش حاجة يعني ؟ " ---- قطع تساؤله الصمت الذي صنعه
" مش على كلامي ، قصدي تصبر على الوقت لحد ما كل حاجة تلاقي مكانها و تبان حقيقتها "
" كل حاجة زي ايه مثلا ؟ "
" زي أي حاجة محيراك "
*********
الحيرة ....
أن تقيم معي في نفسي منذ لحظات البعث الصباحي حتى لحظات إسلامي تلك النفس لخالقها ليلا ، ثم لا أجد داخلي ذلك الشعور الجنوني الجارف نحوك
أن أستنكر الجنون .... الاندفاع .... و أجد الصبر يحتمي بي أمامك ، فأجيره منك
أن أمتلك كل هذا الشغف للإبحار في دقائقك ، ثم أتظاهر بأن لا شيء هناك
أن أريد أن أراك بشدة ، فأغمض عينيّ و أدعو الله أن يجعلك تشعر بوجودي جوارك ، ثم أعقد العزم بعدها أن أبتعد تماما ... و أن أمرن لحظاتنا على أن تكف عن تشبثها بوجودنا معا ، و أبدأ خطتي المحكمة كي يكف كلٌ منا عن ذلك الادمان بالآخر الذي بدأ يتسلل إلى أعصابنا
أن أشعر بك دونما دلائل واضحة ، أفهم ربما ما لم تقله ... ثم أتساءل داخلي في جدية : " هل أعرفه حقا ؟ "
أن أرى المسألة برمتها محض لعبة جبرية ، نتواطؤ فيها مع أقدارنا و ظروفنا .... لأجد أننا أحد عناصر حد لانهائي من التباديل و التوافيق ، التي ستطرح - حتما - بديلا آخر إذا لم يرض أحدنا على انغلاق القوسين علينا
أن أنظر لكفي فأندهش له ، و أُسلمه لها حتى تقرأه لي و تقول لي فيم أفكر أو بم أشعر
أن أجد أرضنا الخاصة التي لا يستطيع لها وصولا إلانا ، ثم أجد أننا جزيرتان تنائتا فجأة و انقطع أي تواصل بينهما
***********
" لازم أمشي ... "
" قوام كده "
" ما أنا خلاص خفيت "
لم تستطع زيادة حرف واحد على كلمتيها ، لم تستطع أن تطالبه بالبقاء ، و لم تكن لتدعوه للرحيل يوما مع ذلك
تعلم أن الحكاية قد تعبت من المسير ، و آن لها أن تنطفيء
كل ما عليها فعله هو أن تشكر الوقت لأنه نفذ لها وعده فأراها حكمته بعدما أطاعته و أسلمته صبرها .... أن تمنح خطتها المحكمة ابتسامة ؛ فلن يعاني أحدهما من مرارات فقد ٍ ربما و لا أعراض انسحاب
و أن تمرن لحظات عمرها القادمة أن لا تأمل شيئا من السرابات البعيدة
و أن تُشغف بدقائقها الخاصة دون الاتكاء إلى أحد

الأربعاء، نوفمبر 15، 2006

للحظات ملامح أخرى


عندما استيقظَتْ
انتوت أن تصنع لنفسها يوما مميزا ، و انتوت أن تكون جميلة
أكدت على نواياها في صلاتها الصباحية
تدري جيدا أن نواياها هي ما تحقق لها الأشياء - إذا ما أخلصتها
أخرجت نفس رداء اليوم السابق ، و نفضت عنه ضيق الأمس و انعدام هندمته و نواياه التائهة
و تحت حرارة المكواة حرقت كل ذلك
اختارت أن تُجالس مقطوعة موزارتية مع فنجان القهوة الذي اشتاقت خلاياها إليه
ارتدت ملابسها و بلمساتٍ بسيطة أكدت لوجهها اهتمامها به
أكدت لله نيتها المعتادة قبل فتحها الباب الذي يفصلها عن العالم الخارجي : ألا تزِلَ أو تُزَل .... ألا تَضِلَ أو تُضَل ..... ألا تَظلم أو تُظلَم ، و ألا تجهل أو يُجهَل عليها

الاثنين، نوفمبر 06، 2006

توابع و تداعيات 4 نوفمبر



- " بتحبيه ؟"
سهمتُ قليلا ؛ ثم ... بلهجةٍ متعالية متفلسفة :
" بحبه ؟ بحبه ايه انتي كمان ؟ فيه حد يحب حد ما يعرفوش ؟ الحب معرفة يابنتي "
أخذتها في مناقشةٍ طويلة نحاول فيها للحب تعريفا
و تركتني و الكلمة يتكرر صداها داخلي بنغمٍ شجوي : " بتحبيه؟"
***********

" على فكرة انتي اتغيرتي "
" بقيتي أحسن ، بتفتحي مواضيع و كده يعني"
قالها صديق شات أحترمه ، لم أره منذ زمن
تغيرت ؟ نعم .... أعرف
تُرى يا صديقتي لو كنتي هنا أكنتِ ستلاحظين كم تغيرتُ و كيف ؟
أكنتِ تعدينه تغيرا للأفضل ؟
حقا ... أفتقدُك
***********
خلاصة الأمر : اهتمام
و قبول لدور الشاهد
قالت الزوجة للتحري الخاص الذي استأجرته في فيلم
shall we dance
، أن من أهمية الزواج أنه يوفر للمرء من يكون شاهدا على لحظات حياته ، على الانجازات ، العثرات ... من يقبل بحملها معه
في محاولاتنا للحب نبحثُ عن المثل : أن يشهد أحدهم على لحظات حياتنا ، و أن نقبل نحن أيضا ذات الدور بترحيب
أن يكون هناك معنى و أهمية لكل دقائق يومك التي لن تمل من الحكي عنها و لن يمل آخرُك كذلك من الإنصات لها
أن يكون هناك أهمية لأحداث و أفعال و تفاصيل اعتيادية ، و ربما تافهة
" نمت "
" صحيت "
" نزلت "
" اتمشيت شوية "
" سمعت كذا "
شفت فلان "
" الشغل كان متعِب "
" بأفكر في كذا "
" الشغل كان حلو قوي انهاردة "
" الزرعة كبرت "
هل إذن الحب نوع من أنواع العرض و القبول و الرفض الواعي ؟ هل هو نوع من المفاوضات ؟ نوع من الاتفاقات الضمنية ؟
هل اهتمامٌ صادق و قبولٌ لدور الشاهد يصنعان حبا؟

***********
اكتشفتُ مؤخرا أني أحب أمي جداا
منذ أن كنتُ طفلة صغيرة و أنا أعي الفروق بين الأشياء : بين الاعتيادية و الحب ، بين الاحساس بالواجب أو حفظ الجميل أو قولبة المشاعر التي اعتدنا عليها و بين الحب
أول شروط الحب الاختيار ... القدرة على الاختيار
لذا ، لم أعد أي علاقة عائلية في حياتي حبا أو ذات خصوصية مالم تكن كذلك حقا ... فقط ... رحمة من الله عددتها ... الرحم رحمة ( عادةً) ... لكن الحب شيء آخر
غالبا ما كنتُ أمقت الجمل الاعتيادية في القصص و الكتب - و لا سيما كتب المدرسة - من نوعية " أحب أمي ... أحب أبي " " يجب أن تحب والديك و عائلتك " .... هل يمكن للحب أن يكون واجبا ؟
سبحان مقلب القلوب !
كل ما أعرف الآن أن أشياءا كثيرة تغيرت حقا .. و أن العلاقات تتبدل و أن المرء قد نضج بالشكل الكافي ليكون له دور في ذلك
و رغم كرهي للمناسبات و لا سيما المستورد منها ، إلا أنه كان عليّ الاحتفال بكِ في عيدٍ نذروه للحب
**********
صلاةٌ غير اعتيادية ... شديدة الصدق على الرغم من قصرها
كان صوته الخاشع المطمئن الذي يُشعرك أنه يتحدث إلى الله حقا ، يبثُ إيمانا و رقيا في قلوب و أصوات و تصرفات المصلين
" أخيراااا حد بيفهم "
" نفسي أشوفه "
" صوته حلو قوي "
" الله يباركله "
كنتُ أظن أني وحدي المبهورة به ... لكن ، هاهو الانبهار حولي في كل مكان ... بل ؛ ربما تعثر المرء قليلا أو تردد أو احتار عندما يحاول أن يدعو لنفسه أو لأحد ممن يهتم أو يحب ، لكن عندما يتعلق الأمر به ، فإن الدعوات تنساب له بصدق و سهولة مدهشين
ليس صوته جميلا - كما ظنت احداهن - ، إنها تقواه التي تبث كل هذا الجمال
تيقنتُ من هذا عندما أقام صوتٌ غريب الصلاة في أحد الأيام ، و أكمل بنا التراويح
صوته كان جميلا ، بل رائعا بعرف النغمات الصوتية ( و يحاول جاهدا ابراز ذلك الجمال في صوته ) .. لكن تلك كانت المرة الوحيدة طوال الشهر التي يحدث بها انعدام للنظام و الخشوع ، و خوف انتشر فجأة دون معرفة لمصدره ... عدم الاستمتاع بالصلاة ، و الشعور بالانقباض لدرجة جعلت البعض منا تنساب دموعهن - خوفا ربما من أن يكون قد حدث مكروه لشيخنا الذي لا نعرف حتى اسمه
سمعتُ كثيرا عن الحب في الله ، لكنها المرة الأولى التي أتذوقه
*************

أقصر الطرق إلى المسجد الذي أحب الصلاة فيه يمر على كنيسة كبيرة .... تعجبتُ عندما وجدتُ الكثيرون يدخلونها في نفس وقت ذهاب الكثير منا لصلاة العشاء فالتراويح ... و انسابت الآية داخلي من مذياع قريب : وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا، فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ ....أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ابتسمتُ و همستُ له داخلي : " ربما تباهي بنا ملائكتك الآن أيضا "

الأربعاء، نوفمبر 01، 2006

تهيؤ

فقط ... كن مستعدا للحياة ... و لأمنياتك ، و ثق أنها بلحظةٍ ما ستفتح ذراعيها لك ... فقط .. كن مستعدا .. أن تعد أيامك القادمة بالمزيد منك