الثلاثاء، نوفمبر 21، 2006

و وعدت الشمس بالماء


*" ها ؟ بقيت كويس كده ؟"
قلتُها بعد أن أنهيت التغيير على جُرح صدره ..... ابتسم ابتسامةً واهنةَ أن " شكرا " ربما ، أو " اجلسي قليلا " ربما ، أو " قليلا لكن ليس تماما ، مازال أمامك عمل " ...
" احنا مش عاوزين دلع بقى .... انت تخف بسرعة كده "
رغما عني ، لم تخرج الجملة بأي قدر و لو يسير من الجدية ... بل؛ ملأت ابتسامتي كل حرف منها
" عاوزة تخلصي مني و لا إيه؟"
" بصراحة آه ... فيه مانع ؟ "
و كما يحدث ، بدأ التحول إلى الناحية الأخرى من الكلام
اعتدل في السرير قليلا ، و بنظرة تحاول اقتحاما لأفكاري : " أُمال ليه تطوعتي انتي بمهمة معالجتي و رعايتي ؟ "
" ليه ؟ " --- بلهجة حانية أحال برودة الصمت شمسا دافئة
" علشاان .. علشاان .. علشاااااان " ادعيتُ تفكيرا عميقا ... ثم ، " علشان كده " بطفولة قلتها
" مش بيقولوا هنيالك يا فاعل الخير ، و لك الأجر و الثواب ؟"
" ايه ده ؟ انتي هاتشحتي عليا و لا إيه ؟ لا لا لا ... الكلام ده ما ينفعش "

***********
كان الماءُ يتراءى على البعد ... و كلما زادت رغبته فيه و أمله القوي في الحصول عليه ، ازداد إحباطا و كآبة عندما ، فيجبره الواقع على تذكر الفزياء ، مجابها له بسخرية : أن يا بليد هناك ما يدعى السراب ... كف عن نسيان المعلومة ... لكنه لم يكن لييأس ، و لماذا يفقد إحتمال أن يجد الماء في أحد تلك البقع فيشرب و يرتوي ؛ حسنا ... فليتتبعن الانعكاسات البعيدة بلا أمل ---- ليذهبن إلى السراب واثقا من كونه سراب ، و عندما يصل ؛ فقط سيضحك بلامبالاة و بقدرٍ ما من السخرية ، قائلا في شبه ثقة : " أرأيت ؟! سرابٌ لا أكثر "

*************
" بص بقى ... الكلام ده ما ينفعش خااالص "
" كلام ايه ؟"
" الضيق اللي على وشك ده ... حرام عليك ، ده انت رايح تنام "
" يعني الحلم مش هايجي عشان رايحله متضايق ؟ ماهو كده كده مش بيجي "
" لأ مش عشان الحلم ، لكن عشان الصبح اللي جاي
اللي بيموت على حاجة بيُبعث عليها ، صح ؟ "
" يمكن "
" طب اعرف بقى .... و اللي بينام على حاجة برضه غالبا بيقوم عليها ... صفي نفسك قبل ما تنام ... اغسل وشك بابتسامة و ما تنامش غير لما تصالح نفسك و تصالح اللي حواليك جواك "
" ده أنا كده مش هانام خالص"
" ياااااه ... انت زعلان من نفسك للدرجة دي؟ تصدق أنا كمان زعلانة منها ؟ ايه رأيك نتفق عليها و نجيب اللي يديها علقة تمام يعرفها إن الله حق.؟"
أنارت ابتسامةٌ وجهه
" أيييييوة ... بس كدة .. ثبت اللقطة ع الابتسامة دي .. دي رضا قوي .. و يالا روح نام بسرعة قبل ما ابتسامتك ترجع في كلامها تاني "

************
كثيرا ما تعمدَتْ مضايقته بشكل يدو أن لا دخل لها في هذه المضايقة و هذا الاختناق ... بل بطريقة تبدو معها بريئة هادئة لامبالية ، و كأن لا شيء هناك لتلاحظه
فقط... تظن أنها امرأة واحدة لرجل واحد ... لا تريد تجاربا أخرى ، لا تريد أشباها ... لا تريد أن تعيد خطئها القديم ، فترسم ملامحا ليست له ، و تنتظر أشياءا منه قد لا تحصل عليها أبداً
حاولت ابتعادا ، لكن خيطاً مرنا يجذبها إليه في كل مرة ، و ندمٌ قاتل يغزوها لكل ذرة حزن تتسلل إليه
لم تستطع حلما ، لأنها لم تنم ، و لم يكن هناك من صباحٍ أسعد لعدم وجود الحلم السعيد
**********
" برضه مش فاهمِك "
" اصبر بس"
" ما قولتيش حاجة يعني ؟ " ---- قطع تساؤله الصمت الذي صنعه
" مش على كلامي ، قصدي تصبر على الوقت لحد ما كل حاجة تلاقي مكانها و تبان حقيقتها "
" كل حاجة زي ايه مثلا ؟ "
" زي أي حاجة محيراك "
*********
الحيرة ....
أن تقيم معي في نفسي منذ لحظات البعث الصباحي حتى لحظات إسلامي تلك النفس لخالقها ليلا ، ثم لا أجد داخلي ذلك الشعور الجنوني الجارف نحوك
أن أستنكر الجنون .... الاندفاع .... و أجد الصبر يحتمي بي أمامك ، فأجيره منك
أن أمتلك كل هذا الشغف للإبحار في دقائقك ، ثم أتظاهر بأن لا شيء هناك
أن أريد أن أراك بشدة ، فأغمض عينيّ و أدعو الله أن يجعلك تشعر بوجودي جوارك ، ثم أعقد العزم بعدها أن أبتعد تماما ... و أن أمرن لحظاتنا على أن تكف عن تشبثها بوجودنا معا ، و أبدأ خطتي المحكمة كي يكف كلٌ منا عن ذلك الادمان بالآخر الذي بدأ يتسلل إلى أعصابنا
أن أشعر بك دونما دلائل واضحة ، أفهم ربما ما لم تقله ... ثم أتساءل داخلي في جدية : " هل أعرفه حقا ؟ "
أن أرى المسألة برمتها محض لعبة جبرية ، نتواطؤ فيها مع أقدارنا و ظروفنا .... لأجد أننا أحد عناصر حد لانهائي من التباديل و التوافيق ، التي ستطرح - حتما - بديلا آخر إذا لم يرض أحدنا على انغلاق القوسين علينا
أن أنظر لكفي فأندهش له ، و أُسلمه لها حتى تقرأه لي و تقول لي فيم أفكر أو بم أشعر
أن أجد أرضنا الخاصة التي لا يستطيع لها وصولا إلانا ، ثم أجد أننا جزيرتان تنائتا فجأة و انقطع أي تواصل بينهما
***********
" لازم أمشي ... "
" قوام كده "
" ما أنا خلاص خفيت "
لم تستطع زيادة حرف واحد على كلمتيها ، لم تستطع أن تطالبه بالبقاء ، و لم تكن لتدعوه للرحيل يوما مع ذلك
تعلم أن الحكاية قد تعبت من المسير ، و آن لها أن تنطفيء
كل ما عليها فعله هو أن تشكر الوقت لأنه نفذ لها وعده فأراها حكمته بعدما أطاعته و أسلمته صبرها .... أن تمنح خطتها المحكمة ابتسامة ؛ فلن يعاني أحدهما من مرارات فقد ٍ ربما و لا أعراض انسحاب
و أن تمرن لحظات عمرها القادمة أن لا تأمل شيئا من السرابات البعيدة
و أن تُشغف بدقائقها الخاصة دون الاتكاء إلى أحد

هناك 8 تعليقات:

عنتر بن غلبان يقول...

الله الله الله الله الله
من زمان ماعجبنيش كلام قوي كدة
ده كده اسمه
"إحسااااااااااااااس":


بوركت

كرانيش يقول...

عارفه يا شغف اللى دخلنى من النص الحوار العامى
لدرجه انى كنت بعدى التعليق الفلسفى والنفسى شويه واروح للحوار ده
مش عارفه ليه بقيت حاسه انك بتكررى نفسك
مش عارفه انا غلطانه ولا ايه؟بس ده احساسى

كلبوزة لكن سمباتيك يقول...

وحشتيني يا شغف
و وحشني كلامك الرقيق اللي من القلب
متغيبيش تاني

شغف يقول...

sword
مستنية بفارغ الصبر الكومنت التاني
محتاجة أعرف ايه الحاجة الغلط بالظبط



عنتر :
منور


كرانيش:
أيوة كده يا بنتي ، أهي دي الناس و لا بلاش

كده بجد أنا ورايا ناس جامدة

فعلا احساسك صح ، أنا كمان حسيت بكده بعد ما نزلت البوست
معاكي حق
بس كنت محتاجة توضيح شوية

كمان بالنسبة للحوار العامي أنا ما فهمتش قوي إن كنتي تقصدي انه أفضل جزء في النص ، و لا أسوأ جزء و لا ايه بالظبط؟

أسعدني كلامك جدا

شغف يقول...

سمباتيك:
احنا تحت النظر يا فندم
ليكي وحشة كبييييييييييرة جداااااااا
يا ريت تحاولي تظهري ع الميل

ماشى الطريق يقول...

فلن يعاني أحدهما من مرارات فقد ٍ ربما و لا أعراض انسحاب
و أن تمرن لحظات عمرها القادمة أن لا تأمل شيئا من السرابات البعيدة
و أن تُشغف بدقائقها الخاصة دون الاتكاء إلى أحد

أظن إن إنتى لخصتى البوست كله فى السطرين دول

فيه حاجة تانية ملاحظة الإحساس بإن البوست ده كتباه واحدة مش واحد باين أوى
فيه حتت كده أنثوية متطلعش إلا من بنت
go on

شغف يقول...

ماشي الطريق عندنا ؟ يا مرحبا يا مرحبا

منور

كرانيش يقول...

لا يا شغف انا قصدى اقولك انا حبيت العاميه اكتر من السرد اللى بالفصحى
انما حته ان العاميه اجود ما فى النص او لا دى مش قادره احكم عليها قوى عالاقل دلوقتى