الأحد، يوليو 19، 2009

إلى حبيبي الذي لم أعرفه بعد15

عزيزي :


كنت أشعر بالغيرة أحيانا عندما أقرأ عن تلك المراحل التي كان الناس يثورون فيها و يعتقدون في إمكانية تغيير ما ، تُشكلها شعاراتهم و تكاتفهم و مظاهراتهم ..

عندما أقرأ عن تلك الأوقات التي كان الناس فيها ينتمون لفكرة .. أو لأفكار ما ... حتى لو كانت متعارضة أو متصارعة ..


و ربما أشعر بالغيرة من نفسي عندما كانت صغيرة ساذجة تقول لنفسها بثقة : " عندما أكبر قليلا .. سأقرأ عن كل شيء ، و سيكون لي جهة أنتمي إليها و أدافع عنها ، و سأغير الدنيا مع آخرين غيري " ...


و ربما أغير منها في ذلك الوقت الذي ظنت فيه الدين ملجئا و حماية و حلا ً عبقريا لكل شيء ...


و ربما مازلت أغار من هؤلاء الذين يعتنقون مذاهبا اقتصادية و سياسية و اجتماعية معينة ... و أغار من ذلك الوقت الذي تناثرت فيه أوراقي مع موسوعات سياسية و كتب عن تاريخ الأحزاب و عن الحركات الاجتماعية ، و بدا لي وقتها أن العالم يحتاج إلى تنظيم و بحث عن الأحق و الأجدى ، و لابد لي من فهمه أولا حتى أستطيع ذلك ... ثم ، قررت تأجيل الفكرة إلى حين أن أشعر أني مسؤلة عن نفسي ، و قادرة على فعل ما أريد ...


الآن ... بعد أن كسرت قشرة البيضة : بيضة منزلنا و مسؤلية أهلي عني .. ألتفت لأجد نفسي غير منتمية لشيء أو متأثرة بحدث أو موقف ...


لا أشعر بالغضب و الثورة تجاه المباريات الدامية التي تشتعل من حين لآخر على الضفة الأخرى ، و تشتعل معها المظاهرات و الشعارات ، قدر غضبي ممن يتبارون في الحديث عن الآخرين من وراء ظهورهم ، أو بغمزهم و لمزهم و هم جالسين وسطهم مفترضين سذاجتهم و عدم ملاحظتم لذلك ...

لا أشعر بالحنق تجاه بيع أو صفقات أو قرارات حكومية ما ، قدر شعوري بالحنق ممن يتركون قرارات حياتهم ما صغر منها و ما كبر للظروف و الأيام و من حولهم ليحركوها و يصنعوها لهم مانحين أو مانعين أو مغيرين لمساراتها ... قائلين : " قسمة و نصيب " ...

قدر حنقي ممن يركزون على عرقلة حيوات الآخرين مستمتعين بتنغيصها أو محاولة إفشالها كي تتساوى الرؤس و لا يشعرون بفشلهم الخاص ....

قدر حنقي ممن يشتكون الدهر و الناس و الظروف ... العمل و البيت و الأولاد ... و تصير حياتهم سلسلة طويلة من الشكوى التي تصير فناً له أساليبه المميزة و طرقه العديدة ، و فرصه التي يجب إنتهازها ، بينما يُسربون عن عمد أي فرصه لتغيير أو تحسين أو مواجهة لما يشكونه ، فالشكوى أسهل ، و لعلب دور الضحية امتع و أجدر بالشفقة و لفت الأنظار ...

قدر حنقي على من يدعون حبا ً ، و هم غير قادرون على محاولة لفهم أو لتقدير أو مساندة ... بل تصير سهامهم أولى السهام المصوبة عند لحظة تعثر أو سقوط ، في محاولة بطولية لإبراز أفضلية ذواتهم و ذكائهم الفذ و سداد بصيرتهم أمام المحبوب الأحمق ....

قدر حنقي على أناس لا يلتقطون ممن حولهم إلا كل ما هو سيء يستطيعون إنتقاده ...

قدر حنقي على محبةٍ غائبة ، و إحترام هارب ، و صفاء نفسٍ تجاه الآخرين شح وجوده ...

عزيزي ...

آسفة ... أشعر أني أنا من بدأت أستمرئ الشكوى الآن ... لكني أحيانا عندما تكثر الأجواء السلبية من حولي ، أشعر أن جسدي يتسمم ن و أشعر بالثقل و الاختناق من هؤلاء الذين يرسلون بطاقتهم الملوثة حتى لو في نظرة أو طريقة تفكير ... ، أو ... أشعر أحيانا بأني أسمع تلك الأفكار، أو ... أشعر بتلك الطاقة المنبعثة ممن يبغضون أو يحقدون أو يسخرون .. و ليس شرطا أبدا أن تكون تلك الطاقة أو تلك المشاعر السلبية موجهة نحوي لأشعر بها أو أتضايق منها ... أتضايق منها لأنها موجوده ، حتى لو كانت موجهة لشخص بيننا و بينه آلاف الأميال ...

عزيزي ...

أشعر حقا أني لا يهمني حروب أو قتالات أو قرارات عليا ... لا يهمني جنة أو نارا ... لا يهمني شعارات ساحرة أو أفكار كبيرة ، أو نظريات و مذاهب عبقرية ...

لا يهمني سوى صفاء في الضمير ، و بعض من الاحترام و التقدي و التفهم لاختلافاتنا و ظروفنا و شخصياتنا التي لم تُخلق على قالب واحد ، و كثيييييييييييييييييييير من المحبة ...