الاثنين، يوليو 28، 2008

و سقط الحد الفاصل


وسقط الحد الفاصل /


قراءة في بعض لوحات معرض " أول مرة " في الملتقى الثالث لشباب الفنانين التشكيليين بمكتبة الأسكندرية


بعدما انتهى كل شيء على سطح الأرض ، التقط ذلك ذلك القادم من كوكبٍ بعيد من بين الحطام لوحة ، و تسمر أمامها فغالبا قد داخله إحساس " النهاية " و ما وصمه من حنين ، من وجودٍ تقرأ في عينيه الرحيل القادم الذي لا مفر منه ، ما وصمه من مشاعر و علاقات منحها الجنس البائد صفة " الإنسانية " ... ما وصمه من لحظات براءة و صفاء ، و لحظات قهر و إغتيال في أوقات أخرى ... و غالبا ستكون تلك اللوحة هي إحدى لوحات الفنانة " شيرين مصطفى " المعروضة الآن ضمن معرض " أول مرة " في مكتبة الإسكندرية ذلك القادم من كوكب بعيد الذي لم ير إنسانا من قبل ، و أتى إلى الأرض بعد كلمة " النهاية " للجنس البشري ؛ حتما سيفهم بعمق معنى الإنسانية بلحظاتها المتلونة : حنينها ، دهشتها ، طفولتها المستترة - ما هو حي منها ، و ما قد أُغتصب - ، فرحتها ، انكسارها ، برائتها --- و ذلك عندما يتأمل قليلا اللوحات بذلك الركن المعبد الفرعوني الذي تملأه الرموز و الحروف العربية هو المكان الذي تقيم في أرجائه " شيرين مصطفى " طقوسها الفنية داخل اللوحة ، فتُشهِد ذلك القادم البعيد على طقس زواج ارتدى فيه فستانُ الفرح جسد َ العروس الطفل الذي تبدى عاريا ، و ارتسم طفلٌ شريد حيران مشاكس على الوجه المطموس للعريس أو لتختزل له / للقادم البعيد / الإنسانية في لوحة ، و قد شهدت عليها قصاصات صور و سطور جرائد قديمة ، و مناطق جبسية سطر عليها القلم الرصاص عبارات و رسومات طفولية ، و ألوان موزعة بمهارة لا تتعثر بها التلقائية المصاحبة كثيرون يضعون أفكارهم بأعمالهم ، و كثيرون يضعون تقنياتهم و ألوانهم " شيرين مصطفى " من أولئك القليلين الذين يضعون إحساسهم و رؤيتهم للحياة في فنهم
****************
أصر أحدهم في تحدي أن ( أشرح ) له ما يمكن أن تعنيه هذه اللوحات ، أو ما يشكله الفن من أهمية حِرتُ في إيجاد البداية و أمام الركن الخاص بالفنان " مصطفى سمير مصطفى " ، وجدت أحد المفاتيح لقفل " البداية " : إنها الأسئلة التي يقتحم بها الفن تبلدنا و سكوننا يستخدم كل فنان رموزه التي يبني بها عالمه الخاص داخل لوحاته ، فتبدأ الأسئلة نشاطها المتحمس الذي يلهم إجابات متعددة لكل منا :
* لماذا يستخدم هذا الفنان " الثور " دوما في لوحاته ؟ عم يعبر ؟ 

* هل هي رؤيته للإنسان في صراعه اليومي مع أحماله التي تفوق تحمله فتعجزه عن الحركة على كل ذلك الجهد المضني الذي يبذله ؟ * أم هي رؤيته لذاته / و للإنسان أيضا / كقوة و طاقة محبوسة غير قادرة على تخطي حوائطها المطبقة عليها ؟ 

* لماذا يقيد مصابيحه ؟ و يقلب سفينته ؟ 

* لماذا يتماهى المصباح و السفينه ، فلا تستطيع تمييزا بينهما ؟ 

مثل هذه الأسئلة على مستوى " الطرح " الذي تقدمه اللوحات على أحد مستوياتها و هو مستوى " الشكل " أو " العنصر البصري " الواضح الذي قد يتعامل معه في البداية المتلقي و تطرح أسئلة أخرى نفسها فيما يتعلق باللون و التقنية و الإيقاع فليدع كل منا نفسه منطلقا بحرية مع تساؤلاته التي يقوده إليها الفن
*************
استغبيتُ نفسي جداً / تلك التي كانت تظن أن مشاهدة اللوحات الفنية على النت أو على الصفحات الورقية قد يغني عن مشاهدتها وجها لوجه / أمام لوحات الفنانة " ريهام سامي النحاس " ....

نعم يا عزيزتي ... فالمسألة لا تكمن في الشكل و إيقاعه فحسب ، لا تكمن في الألوان و طاقتها الجمالية و الانفعالية فحسب ، لا تكمن في توزيع الظل و النور فحسب ، لا تكمن فيما تقوله اللوحة فحسب بل تلك الخبرة و ذلك الإحساس اللذين تنقلهما اللوحة يكمنان بشكل كبير في المواد المستخدمة ، في نوع السطح و الألوان و كتلتها المختلفة التوزيع و الطبقات على سطح اللوحة ، يكمنان في كلمة " الملمس " التي كثيرا ما صادفتها في الكتب و المجلات ، و و لم أفهم بالضبط حينها ماذا تعني ؟ هل يجب " تحسس " اللوحة مثلا لمعرفة " ملمسها " ؟ الآن أدرك أن العين قادرة على اللمس العميق بأكثر مما يمكن أن تفعل الأصابع لا ، ليست العين ، بل هي " الروح " التي تلمس كل هذا " الحنين " المختزن في توزيع كتل الألوان و بطشها في أجساد البيوت القديمة
***************
بيوت برضة " نظرة أختي الصغيرة المتعجلة للوحات جعلها تضع كل البيض في سلة واحدة لكن " بيوت " " الفنان " علاء أبو حمد عبد الستار " تختلف يقينا عن تلك الخاصة بالفنانة " ريهام " البيوت في لوحات "علاء" تختزن مشاعرا أخرى ليس أحدها الحنين لوحاته تستدعي الهجر و الفقدان و الشعور الحاسم بالنهايات بيوت مهجورة لها حكمتها الخاصة التي تهمس بها مبارشة إلى أعماقك

 **************


ما جدوى الفن ؟ لي مثلا ؟ هل هي فقط تلك المتعة التي أستشعرها وذلك الإحساس بالإشراق والتلذذ اللذان يضيئان في عقلي عندما أتواصل مع جمالياته / اللوحة في هذه الحالة / ؟ 

أم هي تلك الخبرة الإنسانية / الجمالية التي ينقلني لها الفن ، فأترك ذاتي و اسمي و حياتي ، و أطل على العالم عبر عيون أخرى تراه بشكل آخر، و ترى منه أجزاءا ربما لا أراها، أو لا أراها بنفس الشكل ؟ 

هل هو السعي وراء أن أحيا أكثر من حياة مع كل لوحة أو قصيدة .. و بإختصار كل ( عمل فني ) / كما قال نجيب محفوظ يوما عن الكتب ؟

 هل هو الإصرار على إيقاظ و اكتشاف تميزي الإنساني المخبوء من خلال تواصلي مع ما استطاعه الآخرون من تميز و إبداع / كما يقول الناقد " ستيفن سبندر" ؟

 هل هي الحاجة الدائمة إلى التواصل الإنساني في صورة راقية و نقية تماما ، قد تجرد فيها من مصالحه وأهوائه وأطماعه ، وصار تواصلا إنسانيا بحتا لا يهم فيه سوى الفهم، التقدير، والتعاطف ؟ 

هل هي تلك القوة التي يمدنا بها الفن عندما يكشف بعضا من ملامحنا المخبوءة للنور والهواء؟ 

هل هي مناطق الضعف بداخلنا التي يستطيع الفنان التعبير عنها بصدق ودون خجل ليطهرنا من إنهزاماتنا ؟ 

هل هو ذلك الدرس الأساسي الذي يعلمنا إياه الفن، وتُصدِّق عليه الحياة بأن لكل منا خبرته الخاصة ورؤيته الخاصة لحياة و لمن حوله ، وأن تلك الخبرة و تلك الرؤية - مهما تعارضتا معنا - لا يخضعان لمبدأ الصدق والكذب ، أو الصواب و الخطأ ، بل هي تعددية الحياة التي تمنح وتسع كل الرؤى وكل الخبرات ؟ 

هل لأنه يطالبنا دوما بذلك المطلب الإنساني المُلح : بأن "نشعر" و "نحس" بالآخرين ... مخاوفهم ، آمالهم ، آلامهم ، بصرف النظر عن كوننا نشترك معهم في هذه المخاوف / الآمال / الآلام أم لا ؟ 

تدافعت الأسئلة أمام لوحات الفنانة "سمر السيد البراوي" التي تعلن بوضوح رؤيتها لبنات جنسها : لأطماعهن، آمالهن، ومخاوفهن ، بل ... و لأقدارهن أيضا الأوجه النسائية الكثيرة توقفك بحسم بنظراتها الحاقدة الموغلة في البغض، تنهش بأظفارها لحما نيئا لضحية معلقة وفي لوحة أخرى تتبدى نظراتهن هجومية ، أو حائرة ، أو مقهورة منصاعة ، بينما تقفن جميعهن حول عروسٍ بفستانها الأبيض ، بينما تغرق اللوحة كلها في لون وملمس الدم لوحاتٍ تعبر ليس فقط عن رؤية كابوسية لعالم المرأة من خلال عيون أحد أفراده ، بل تداخلك كل لوحة منهن - مهما كان الرفض لتلك الرؤية أو عدم الاقتناع بها - بإحساسها الخاص الذي تستشعر معه خبرة الألم ، الشعور بعدم الأمن ، والإحساس بالحصار .... لتتفهم مشاعرا إنسانية / قد تكون سلبية / لكنها قطعا هنا وهناك في هذا العالم


*****************
في هذا المعرض الذي يضم سبعة عشر فنانا و فنانة من المواهب الشابة التي يسلط عليها مركز الفنون بمكتبة الأسكندرية الضوء ربما ل "أول مرة" ، يسقط الحد الفاصل ما بين الفن و الحياة فتطالع المرء المشاعر المتعددة التي تقتحمه من اللوحات، ويرى بانوراما حياتية مع كلٍ منها، و قد يجد نفسه متماهيا مع إحداها ، هاتفا ً أمام إحدى اللوحات - كما فعلت إحدى زائرات المعرض - : " أنا أهوه ... دي حياتي ... بالظبط " 

وكما ألمحت من قبل ، فاللوحات لا " تقول أشياء" من خلال مجموعة من العناصر البصرية فحسب ، بل هي " فن " يحاول عبر أدواته نقل الخبرة الجمالية / الإنسانية للفنان إلى الجمهور ليشاركها معه ... تلك الخبرة التي يمتزج فيها الفكر بالمشاعر بالإحساس الجمالي بالموقف تجاه العالم و تجاه الذات و تجاه الآخرين
فإذا ما قلت مثلا أن نظرة الفنان "أحمد فريد" للحياة بأنها فخ يطير تجاهه ( لأسفل ) كل من له القدرة على التحليق ، كان هذا حقا لا شيء أمام أن يقتحمك هذا الإحساس وأنت تتأمل بعض لوحاته، و ترى في بعضها الآخر تجريبه " البيكاسوي " في التعامل مع الوجوه ، والذي يفصح عن كونه خطوة تجرب تقنية بعينها بغرض الوصول لخطوة أخرى مستقبلا - نتمنى –
نجد رؤية " لمياء مغازي " للعالم الأنثوي ذاته الذي سبرت أغواره أخريات معها في نفس المعرض ، لكن برؤية مغايرة تماما تتخذ من أشياء الأنثى حضورا لها حتى في غيابها 

نجد " ندا خليل " و شعورها بنمطية الحياة و جمودها حتى في مختلف حالاتها : العنصر البشري المتكرر الذي يتخذ نفس الحركة / الفعل / الشكل / الملابس / الحالة

 " شيماء محمد " و نفس العالم الأنثوي الذي تنظر إليه من زاويتها الخاصة هي الأخرى إلى تلك الأنثى المحتجزة خلف حاجز شفاف تستميت للخروج منه ، و لا نعرف لأي نتيجة ستحسم محاولات الخروج ... لتنلك الأنثى و علاقتها الملتبسة بجسدها : موطن تفردها و جاذبيتها ، و موطن خجلها و إنكسارها في الوقت ذاته

 "هالة أبو شادي" و لعب ببراعة على النصف الأسفل لوجه طفلة تُعد للزواج ، لنرى القهر الإجتماعي ممثلا في عدة لقطات فوتوغرافية لمساحة ضئيلة من ملامح الطفلة ( الأنف و الفم و الذقن و الرقبة ) ، مع بعض الإكسسوار ، لتصيغ إبداعا مميزا التصوير ، النحت ، الحفر ، التصوير الفوتوغرافي ، و الخزف مسارات متعددة لأسماء أخرى 

و إبداعات أخرى تطالعنا بعوالمها مع ياسمين زكريا الكاتب ، على سعيد حجازي ، شروق طلعت ، منى حسين ، محمد فوزي ، أحمد الشناوي ، علي سعيد ، محمد البزرة ، ليقدم كل منهم هم أيضا رؤى أخرى للحياة.


المعرض مستمر حتى 5 أغسطس 2008 بمركز الفنون بمكتبة الأسكندرية من التاسعة صباحا و حتى التاسعة مساءا

الجمعة، يوليو 25، 2008

لا بأس

فقط هو غرورٌ أنثوي
يريدُ رؤية و لو بعضا من ذاك الشغف و الاندفاع و الرغبة المستعرة في الاقتراب الذين تبدوا في كلماته عنها
بعضٌ من غيرة أنثوية من أولئك اللاتي تمثل إشارتهن أو إيماءةٍ منهم سحرا لا يقاوم
غرورٌ أنثوي يبرز أحيانا ليتصارع مع ذاتي الوادعة الكارهة بطبيعتها للفت الانتباه و للتعالي البشري
غرورٌ أنثوي يتعارض مع كلماتٍ حميمة ك " البساطة " و " النبل "
غرورٌ أنثوي فريدٌ من نوعه ، يهرب بندالة عند أول جملة بها قدر من الحميمية ، ليتركني وحدي أصارع ما جلبه عليَ ، فأحاول سخرية ً أو تهربا
غرورٌ أنثوي يتبدى من نظرات البنات اللاتي تسكنهن الغواية ، فتتلبسني النظرة ، و تنتقل لي الابتسامة الغاوية
غرورٌ أنثوي أمرغ رأسه في التراب و أنا أكسر النظرات الموجهة لأنثاي بنظرةٍ جادة أو أخرى متجاهلة
غرورٌ أنثوي أمنحه لكلماتي المازحة :
* " الحياة ماشية إزاي من غيري طول المدة اللي فاتت ؟ "
* " طبعا ليك الشرف و السعادة إني بأتكلم معاك "
* " هوه أنا أي حد ؟ "
لأحار أمام آثاره الإيجابية ، و تلك الهالة الساحرة التي يلبسنيها
* " كل ده هزار على فكرة "
* " ما ينفعش أصلا أبقى مغرورة للأسف مش طبعي "
* " مافيش ولا كلمه جد أو صح من اللي فات "
غرورٌ أنثوي أمنحه تاجا من الزهر و الياسمين ، و أرسم عينيه و أصبغ شفتيه ، و أشير إليه أن يمضي فوق الكعب العالي بخطوة الأميرات
غرورٌ أنثوي أدوسه بإمعان تحت حذائي و أنا أضغط أرقام هاتفه ، فليس هناك من قرب حقيقي بيننا لأمنح نفسي حق الغضب منه

الخميس، يوليو 10، 2008

Bride, Groom, and a Struggle


Is it a coincidence that "Bride & Groom" caricature exhibition to be held in the "Word" Hall? Does this shrewd objective coincidence really mean to hold a competition between the abilities of pictures and those of words?
It seemed so with the works of Makhlouf presenting diverse viewpoints in a nimble comic smart figures depending only on the power of figures and colors, paralleling, contradicting or mixing them. You easily hear the drawings speak fluently and tell you funny things that criticize the concepts of marriage. You can't but admire his gentle objectivity in his artistic criticism. He attacks the girlish fantasies about marriage as well as the malechauvinist attitude regarding it.
You'll find the bride that dresses her groom the superman suit in her imagination, the bride that doesn't care if she puts her hand in the arm of a humble scarecrow, or that one that looks victorious with flowers in her hand while her groom is hanged behind her. Meanwhile, you'll find a foxy-looking groom holding a bride-doll in his hand, another savage one that is in clear contrast to his little sweet bride, or that old man holding a young veiled soul- broken bride. There is also that drawing which is divided into three sections : the bride, the groom, and the marriage official; the three are speaking in their cell phones giving you the air of deciding a trade deal.
On the other hand, Mustafa Salem presented his caricature with too long comments of the caricature characters or comments upon them which are actually known jokes and comments that tackle harassment, plastic surgeries and involve a lot of sexual implements or declarations sometimes.
Does the word help here? Does it provide the picture with a new dimension or just it diminishes the eloquence of the figures? Does the artist here help his audience to get what he wants to convey? Or he doubts their ability of understanding and elaborates the joke too much to the degree that it looses its taste and effect?


الاثنين، يوليو 07، 2008

ليس هجاءا أو ثناءا ... فقط .. إحدى الحقائق

" Teach these boys & girls nothing but facts."

و أنا أقلب في كتب العام التالي ، راقتني جداا تلك الجمل في أول صفحة بالقصة ، تلك التي تمجد الحقائق .
اختلف الأمر كثيرا بعدما بدأنا الدراسة ، لتتحول كلمات مستر " جراد جرايند " لمعاول هدم تهدم المشاعر و البراءة و الخيال مستبدلة ً بهم عالم قاسي بارد ، البشر فيه مسوخ متشابهة كالأوعية ..
و أعود دوما بحيرتي لأول صفحة ، و لا يغريني تبدل موقفي الذي فرضه " ديكنز " على إتجاهي نحو قائلها ، بتغييره تجاه تلك الكلمات التي أعجبت بها
" Facts alone are wanted in life"
تخرق " إيمان" بنود الصمت و التركيز اللذين نلتزمهما في الحصص المهمة ، فتلكزني بإلحاح ٍ هامس :
" بصي... بصي ... بصي "
أُدهش : " ايه ؟ فيه ايه ؟ "
- " لون عين المستر "
" زي لون القميص اللي هوه لابسه بالظبط "
تتراجع " لويزا " و " هارثوث " و مستر " باوندرباي " و " توم " و مستر " جراد جرايند " لوهلة من أمامي ، و أنا ألحظ ملاحظتها الصائبة بين قميص المستر وعينيه اللتين امتلأتا سخرية ً و رفضا ً لموقف " لويزا " :
" مادام ما اعترضتش على إختيار أبوها في البداية ، تبقى وافقت ، يبقى ده إختيارها و لازم تتحمل مسؤليته ، و ما تعاقبشي الراجل اللي ارتبطت بيه على مشكلة مش بتاعته "

أهز رأسي مقتنعة بالملاحظات الصائبة ، تبتسم " إيمان " في رضا : " مش قلت لك !"
" كل الناس اللي عنيهم ملونة ، لون عنيهم بيتغير على حسب اللبس اللي بيلبسوه "

" Facts .... Facts ... Facts.
Plant nothing else, and root out everything else "
يسخر " محمد " و أصدقاؤه من الكتب و الكتابة المتلبسين هم أنفسهم بالإنغماس في عوالمها ...
من الشعر : ذاك الدخيل
يدهشني الأمر برُمته
أدهش أكثر من نفسي التي أغرمت بتلك الجمل الكثيرة عن الحقائق ، كما تغرم بالشعر و الكتابة و الكتب المُتهَمين بخلق عوالم من الوهم
*
" أنا ما بحترمش المثقفين دول .......... مجرد كلام في الأدب و السياسة و شوية أبيات شعر بيرددوها زي البغبغنات ، و تلاقيهم في أمور الحياة العملية ما يعرفوش حاجة .......... الثقافة دي زي الدروشة .. إنغلاق العقل على جانب واحد نظري ، و الباقي صفر "
تصادفني الحقيقة في كلمات " إيمان"
نعم ... الشعر و الفن حقيقة تبرز مع ما يستدعيهما من ألوان
" You don't walk upon flowers in fact, so you cannot be allowed to walk upon flowers in carpets"
و لكني أستطيع أن أمشي على محيط زهرة عندما يكون الفن حقيقيا ، فإني لن " أتخيل " هذا ... بل هذا سيُحدث واقعا في داخلي ، ستمتصني اللوحة / القصيدة / الرواية / الفيلم / المسرحية .... و أخرج منهم كائنا آخر ذي مقدرات أخرى مدهشة
" انتو عايشين الدور قوي "
أكتشف أن وجودي في هذه الحياة بذاته وجود شعري ، و أني أتعامل مع الحياة و مع وجود الآخرين بنفس الطريقة :
كلٌ منا سطر شعري يسهم في القصيدة ... أو عنصر من عناصر الحبكة الروائية للزمن ....
أو - كما يقول " بورخيس" - كلٌ منا يشكل رمزا ً في نظام الكون
** "
هنفضل نجري و إحنا مش عارفين بنجري ليه ......... لما أنا بأمسك الفرشة و أقبض على الحقيقة داخل اللوحة ، لما انتي بتمسكي قلبها بشِعرِك ، هي دي الحقيقة ، مش أي حاجة تانية ."
*************************************************
1
السطور الإنجليزية من رواية
Hard Times
للروائي الإنجليزي تشارلز ديكنز
2
* ، ** من رواية دارية ل سحر الموجي
* إحدى الجمل الحوارية للزوج
** إحدى الجمل الحوارية ل شخصية " نور الدين "

الأحد، يوليو 06، 2008

صدقتُ لما سمعتُ مرةً أن

" الذين يعيشون بلا مواقف ، يعيشون بلا متاعب .
و الذين يعيشون بلا متاعب ، يعيشون بلا إنسانية ...
فالموقف مكلف . "

السبت، يوليو 05، 2008

سلامتها أم حسن

الهاتف يرن ... رأسي ثقيل من فرح الأمس تحت منزلنا ، أتجاهل الرنين ، أسمع أبي يرد بالخارج ... اسمي يتردد بتأكيد ... و كلمات متناثرة لا أفهم منها شيئا سوى أن المكالمة لي ، و أني نائمة ، و سيخبرني عندما أستيقظ
لا بأس
سأعرف عندما ( أستيقظ )
لكن من ؟
المدرسة ربما ؟ يريدوني في شيء ما ، أو من أجل قبض المرتب ؟
عمل ما قدمت له من فترة ؟
احدى صديقاتي ؟
ربما تلك المؤسسة الأدبية للتحضير لشيء ما ؟ لكني كتبت رقم الموبايل و ليس المنزل !
لا يهم
عندما ( أستيقظ ) حتما سأعرف
-----
أروح و أجيء أمام أبي عدة مرات ، و لم يقل شيئا !
أنظر له بحيرة ، حتما شيء مهم وراء هذه المكالمة خاصة و قد سمعت تأكيدا باسمي كاملا !
نسي كالعادة ؟ أو تجاهل كالعادة ؟
أو ربما هو شيء لا يريدني معرفته أ و يحضر ل( خناقة ) معتبرة ، كانترفيو لعمل آخر مثلا ؟
لا يهم ، لن أسأله .
----
بعد مدة معتبرة :
" انتي تعرفي واحد اسمه " فلان الفلاني " ؟ "
بدهشة معتبرة : " أيوة "
بدهشة بها شيء من الاستنكار : " أيوة ؟ "
بإصرار و عدم إعطاء أهمية : " كان زميلي ... ماله ؟ "
بشعور بانتصار ما : " أصله اتصل "
بدهشة أكثر اعتبارا : " اتصل ! اشمعنى ؟ "
بانتصار أكبر : " بيقول انه متتبع أخبارك بقاله مدة ، و عاوز يجي يتقدم "
بدهشة مضاعفة : " نعم ؟؟؟ ده كان زميلي من خمس ست سنين !"
" هوه هايبقى يتصل كمان أسبوعين لما ينزل من شغله "
ابتلعت لساني و لم أعلق ، بينما راحت تنساب التعليقات داخلي
----
فرحت ؟
بما اني " بنت " المفروض ، و بما ان البنات كائنات عبيطة جدااا
فالطبيعي اني أحس بشوية فرح إن فيه حد مهتم بيا لذاتي ، مش علشان أنا مجرد واحدة فيه المواصفات الفلانية أو حد شافها و رشحهاله
و بما ان البنات كائنات هبلة خااالص ، فالطبيعي اني أفرح عشان فيه حد شايل لي جواه ود من مدة طويلة كده ، و بيفكرني بسي قيس اللي كان بيتتبع أخبار ست ليلى من بعيد
و يطوف على الديار ديار ليلى و كده بقى
بس في الحقيقة يا عزيزي اني مش ليلى خالص يعني
استغربت جدا بجد ، يعني ايه حد ساب حد عند نقطة معينة من الزمن ، و راجع يحاول يتقرب من الحد ده ، و هوه مش عارف هوه بقى ايه و لا بقى فين !
غير نقطة اني كنت دايما بأقول إن لولا القدر اللي خلا " فلان " ده يتولد هوه في عيلة و خلاني أتولد في عيلة تانية كان زمانا بقينا اخوات ، و اللي كنت بأقولها بجد ، مش حركة تمويهيه من الحركات اياها بين اتنين عندهم مشاعر لبعض ، فأنا واحدة اتغيرت جداا ، و بقيت حد تاني بجد غير الحد اللي كان موجود أياميها
يعني هيه بايظة من الناحيتين يا عزيزي
فكرت في شعور " الانتصار " اللي كان في صوت بابا ، طبعا ما المرة دي ده حد جاي من ناحيتي مش من ناحيتهم ، يعني فيه أمل !
بس ده بعينهم !
غريبة ، زي ما أكون متعقدة من حكاية الجواز دي !!
عادي بقى ، معقدة معقدة ، بس هوه ع العموم بأفكر في إن ما ينفعش إني أتجوز بشعور حيادي أو شعور عادي تجاه حد
يوم ما هأرتبط يبقى لازم حد " عايزاه " و " عايزني " بكل ما في كلمة " العوز " من معنى و شعور و احتياج و إرادة و عدم استغناء و حاجات كتيرة قوي كده فوق بعض
هايجي امتى ؟ هايجي و لا لأ ؟ أنا بأتكلم عن حاجة أنا مؤمنة بحقيقتها ، و لا عن خزعبلات و أوهام ؟ و لا عن عقد دفينة عاوزة تتفك ؟
بصراحة شديدة
ما أعرفش
و مش مهتمة بالإجابة أصلا سواء كده أو كده
-----
" أه شوفتي ليا تأثير ازاي ؟ "
أقولها لأمي بشيء من سخرية تعليقا على الموقف ، فترد بجدية :
" أنا بأحسب حد من معارفك اللي لسةعلى اتصال بيهم "
ثم ، لا تعطي أهمية كبيرة للموضوع
أمي دي بتفهم و الله ، أو عارفة اللي فيها !
----
" طب ايه العمل ؟ "
هذا هو السؤال !
بصراحة مش متضايقة أو مكتئبة أو اتحولت للعدوانية و الإحباط زي كل مرة بيتفتح فيها سيرة ان حد ممكن يجي قريب
و بأفكر بجدية في واحدة من معارفي حاسة انها هيه و " فلان " ده / على معرفتي القديمة به / يناسبوا بعض و هايرتاحوا مع بعض جدا ، خصوصا و إن همه الاتنين ناس بتفهم و راقية في مشاعرها و في تعاملاتها مع الناس ، و يفرحني جدااا لو قدرت أفيد الإنسانية بأي حاجة يعني :)
ايه اللي خلاني أتكلم هنا ؟
بصراحة رغبتي في إن الموضوع يبعد عني ، عشان كده بأتكلم فيه ، و رغبتي في اني أروق دمااغي كده و أنفذ لعادية الموضوع و بساطته
ايه اللي ممكن يحصل بقى ؟
فالله أعلم
بس نتمنى يعني إن الأمور تعدي على خير
و ربنا يستر !

الجمعة، يوليو 04، 2008

روتانا سينيما : مش حتقدر


" يعني ايه ( اللياذ بالأُطر المرجعية ) دي ؟ "
سألتني أختي الصغيرة بعدما جذبها فضولها لتمرير نظرها فيما أقرأ

كلمةٌ فكلمة ، كنتُ أشرح لها المعنى منفردا ، ثم .... المقصود من العبارة ككل : كل شخص في هذا العالم يتعامل مع الحياة و مع الآخرين غالبا من خلال أفكار و تصورات معينة أخذها عن أحد / أو مجموعة من / المصادر : الدين ، المجتمع ، العلم ، التربية ، المدرسة ..... إلخ
و عندما يواجه تحديا أو صعوبة في الحياة ، أو شعورا بالتناقض بين ما يراه فيها و ما يتحرك من خلاله ، فإنه يعود ليحتمي بمصادره الأولى تلك ، لتضبط إتجاهه من جديد ، حاميا نفسه داخل حدودها و " براويزها "
في المساء ... تكرر نفس الإعلان السخيف الذي أعانده فأقلب القناة أو " أُغمض " عينيّ
لم أفعل هذه المرة
فقط ، صرتُ أتأمل القهوجي الذي يصب الشاي دونما إنتباه لإمتلاء الكوب ، و فيضانه و ثورته بما فوق حِمله إلى خارجه
أتأمل البخار المتصاعد من " الطبيخ " الذي احترق عندما فقد انتباه ربة المنزل المشغول بـ " روتانا سينيما "
أتأمل ذلك الذي تجمد في سريره مبحلقا و كأن روحه قد تركته فجأة ، و لم يجد من يُسْبِل له عينيه
أتأمل " الهدف النبيل " وراء هذا كله :
" روتانا سينيما .... ( مش حتقدر ) تغمض عنيك "
أتذكر سؤال أختي ، و جملة اليوم
يا ربي ي ي ي !!!!!!!!!!!!!!!! حتى قنوات التلفزيون تعتمد نفس " مرجعية " الأسر و إفقاد القدرة على الفعل !!!
أسر عينيك و تركيزك و وعيك ، و عدم منحك فرصة أن تغمض عينيك ... كي ترى .. كي تشعر .. كي تتأمل حقيقة ذاتك ، ثم تختار : أن تُفضل أو لا تُفضل ، أن تقترب أو تبتعد ، أن يكون هذا أو ذاك جزءا من مرجعيتك الخاصة أو تنبذه قاصدا ، لأنه ما عاد جزءا منك
في البداية ، كنتُ أتضرر و أُخنق من هذا الإعلان دونما سبب واضح
بالتدريج صار المعنى الذي يحنقني جليا : أن تكف عن الحياة و تكتفي بالمشاهدة متسمرا ً ، تتخلى عن مسؤلياتك ما كبر منها و ما صغر ، و تبقى مأخوذا ب " ست روتانا سينيما "
أن تلقي بنفسك في غيابات " التغييب " مهما كانت نوعية الأفلام ذاتها محرضة على " الوعي " أحيانا
فوعي المشاهدة الساكنة دوما ما هو إلا تغييب آخر و موت آخر
لكن الرسالة " السامية" أكبر من هذا
فببساطة
الاستقبال المستمر دونما توقف لأي شيء
أي شيء مهما كان ، حتى لو كانت مناداة بالحرية أو الوعي ، أو شعارات ثورية متحمسة ، أو مناداة بالولاء و الخضوع لوطنٍ أو دين ، دونما فرصة لإغماض العينين
هو محاولة للاستعباد المقيت لا أكثر


روتانا سينيما :
أي حاجة في الدنيا مهما كانت :

" سأغمض عينيّ وقتما أريد لكي أرى الصورة أوضح ، و لكي " أستطيع " "
.

الثلاثاء، يوليو 01، 2008

ذاكرة التيه

إذا كان "فرويد " يُرجع الإضطرابات النفسية للجنس ، فإن بطلة " ذاكرة التيه " تأخذ الإتجاه المعاكس
تفتش داخل ذاكرتها ، انكساراتها الماضية و روحها الخائفة عن جروحها التي وسمت تلك الروح ، فمنعتها من الشعور بالتحقق و استكمال ومضة السعادة خلال لحظة الاندماج مع الزوج لتجد نفسها أمام جبلٍ ثلجي يبرز بقسوة فيما بينهما
( جبل الثلج ... هل كان هو الذي يتوارى وراء ذلك الشعور الخفي و المخفي و المتخفي تماما بعدم الاكتمال ؟ )
لتتعلل هي أمام قلقه و توتره بـ " الضغوط التي تتزايد يوما عن يوم " / " الضغوط المزمنة جداً و العادية جداً هي التي جعلتها تنقلب على هذا النحو "

هي تشبهنا كثيرا : بنمط تفكيرها ، خضوع حياتها لأخطبوط اسمه الأهل و التقاليد و ما هو مفروض ، ببحثها الدائب عن الحب ، عن الإنتماء ، عن حقيقة ذاتها ... هي منا و علينا - كما يقولون
و هذا التماس وحده و بعض من متعة آنية مبرران جيدان لقراءة الرواية

لكنها للأسف مازالت ضمن المضيق الصغير المسمى " أدبا نسائيا " ... الذي يتمحور حول المرأة و يغزل حولها خيوطه و لا يتركها لشيء آخر
أدباً ( جوانيا ) في المقام الأول ، و لا يخص بـ ( جوانيته ) سوى البطلة
و بالتالي تسطيح كبير للشخصيات الأخرى التي وردت كأطياف عابرة على الرغم من إفتراضية فاعليتها و تأثيرها في مسار حياة البطلة / أو التعامل مع تلك الشخصيات بإطلاق الملاحظات و الأحكام
تعتمد "عزة رشاد " نفس تكنيك " إكتشاف المناطق المعتمة من الماضي من خلال الأحلام " الذي اتبعته "إيزابيل الليندي " في " صورة عتيقة " ، فنجد الأحلام التي تبرز فيها تلك ( الصغيرة ) التي كانتها البطلة ، و إضاءات متفرقة ( واضحة مباشرة في رواية "عزة رشاد" ، يكتنفها الظلال الساحرة و الغموض الذي يتكشف تدريجيا على مدى الرواية مع " إيزابيل" ) على ذلك الماضي البعيد جداً الذي يأتي كإشارات تعيد البطلة إلى مواجهة نفسها ، و مواجهة تلك اللحظات التي تركت فجوات غامضة في روحها في مرآة ماضيها ، من أجل التصالح مع الذات
لكنه - بالطبع إذا تحرينا الموضوعية - سيكون ظلما فادحا إذا ما حاولنا مقارنةً بين رواية بسيطة مباشرة لم تتخل عنها المتعة و القدرة على لمس القاريء ، و بين أخرى ناضجة آسرة تحتوي بين دفتيها عالما كاملا متكاملا لم يطغ فيه وجود البطلة ليسطح كل ما حولها ، بل على العكس ؛ تعددت فيها الشخصيات و تعمقت و تشابكت مع خلفياتها و خلفيات البلد الاجتماعية و السياسية و الثقافية و ما كان يمر في العالم من أحداث ..
هي - في رأيي - ليست مشكلة تثيرها رواية " عزة رشاد" ، بل تثيرها كتابة " المرأة العربية " بشكل عام ، خاصة عندما تدشن لذلك الفخ الذي اجتذبوها إليه المسمى " أدبا ً نسائيا " ... و الذي تتضخم فيه ذاتية المرأة / البطلة / الكاتبة أحيانا ، فلا تكاد ترى في العمل سوى عالما ً ضيقا ً جدا ً يتكرر بنفس ملامحه في كتابات هذه الكاتبة أو تلك ، و في الكتابات " النسائية " عموما
ربما هي مرحلة ضرورية لازمة بعد أن تسلمت المرأة " المايك " لتتحدث عن نفسها و عن عالمها كما تراهما هي ، لا كما يراهما و يفرضهما الآخر / الرجل
لكن هذا الإغراق في الذاتية و الطواف حولها وحدها ليس ما يصنع الفن الحقيقي الخالد
هي مرحلة لازمة ، لكن الرجاء كله في ألا تطول أكثر من هذا و ألا تأخذ أكثر من وقتها