My review
rating: 4 of 5 stars
الكتاب يتحدث بشكل أساسي عن الحركة السريالية/ و من غيرها أجدر برفع راية الخيال ؟/ : بذورها الأولى ، نشأتها ، تطورها ، أعلامها ، صراعاتها ، تجلياتها في الأدب و الفن التشكيلي و النحت و في الحياة بشكل عام ، و صراعاتها المتعددة مع حركات فنية كالدادية ، مع أيدولوجيات سياسية كالشيوعية ، و صراعها مع ذاتها ..و كذلك التحدث عن الحركة السريالية في العالم العربي .
تفاصيل هذا الكتاب كثيرة و لذلك لطبيعته المتتبعة للسريالية ، لكنه كتاب ممتع و ملهم جدا
و سمير غريب / المؤلف / يتعامل بإبداع في كتابته لهذا الكتاب ...
( واحد م الناس اللي بيفهموا - باختصار - )
ما أدهشني هو تلك المعلومة التي تفيد بأن بدايات السريالية و تركيزها كان على الأدب و ليس في الفن التشكيلي
الكتاب يعرض لأساسين قامت عليهما الحركة السريالية و نادت بهما :
1) الكتابة الآلية
2) الصدفة الموضوعية
و من خلال الأولى يبدأ المبدع في استحضار لاوعيه ، و الغوص عميقا فيه
و لهذا كانت التجربة التي قام بها كلا من " بريتون " - ذلك المدهش رائد السريالية الأول و محركها - ، مع " فيليب سوبو " ... كانا يجلسان و يبدأ أحدهما في الدخول في حالة إسترخاء تصل به إلى اللاوعي ، و يبدأ في التحدث بأي شيء يطرأ على ذهنه دونما تحديد أو تفكير ، بينما يسجل الثاني له كلامه
و نشرا نتيجة هذه الجلسات في كتاب " الحقول المغناطيسية "
و من هذه التجارب الأولى - إضافة إلى نظريات فرويد عن اللاوعي - بدأ يرتبط اسم السريالية بالتحليل النفسي ، و أهمية استكشاف المرء لغرفه المظلمة و تحليله لأعماقه من خلال فنه
أما الصدفة الموضوعية ، فهي تلك الحساسية التي يتميز بها الفنان السريالي اتجاه المتوقع ، و القادم : إنها تلك الصدفة التي تدفع صاحبها إلى الاصطدام بها ( لذا هي موضوعية )
بدت حياة " بريتون " نوعا من هذه الصدف الموضوعية التي تترك حياة الفرد معلق على شفا المواربة : بين الواقع و الخيال ، بين الحلم و الحقيقة ... تلك الحياة التي لا تستطيع أن تقرر فيها في أي جهةٍ من العوالم أنت ؟
و أبرز هذه الصدف الموضوعية هي لقاءه ب " نادجا " ... فقد كانت تقوده قدماه بشكل مستمر لمكان محدد ، و كان لا يعرف سببا لذلك ... يذهب لذاك المكان و هو يشعر أنه يبحث عن شيء ما ، و لا يعرفه بعد
إلى أن صادفها ذات يوم
" من أنتِ؟ "
" أنا الروح الهائمة "
هكذا كان اللقاء الأول الذي سارت على دربه كافة لقاءتهما التي كانت تتم بمحض المصادفة دونما أي اتفاق من جانبهما
بهرتني جدا شخصية بريتون بالطبع : بإبداعه ، عقله المنظم ، روحه القيادية ، موضوعيته ، صدقه
حتى في تجاربه مع " فيليب سوبو " كان يحلل بموضوعية و حيادية مميزات و نقاط ضعف تجربتهما تلك
مبادئه كانت واضحة : السريالية لا تقدم نفسها كمذهب أو كعرض لمذهب ... هي غير مكتملة بعد ... و نجاح أي نظام مرهون بإنفتاحه و تجدده و ليس على إنغلاقه على نفسه و إدعائه العصمة
أعجبني كذلك تدخلات سمير غريب بالتوضيح لبعض النقاط التي تختلط على ذهن الكثيرين بالنسبة للسريالية : فليس معنى كونها صادرة عن إبداع تلقائي في غالبها أنها لا تحمل معنى ، بل إن كل ما يتعلق بالانسان يحمل معنى .. هي فقط تكتشف أجزاءا خفية من نفس المبدع / المتلقي / الإنسان
أو كما يقول " ماكس إرنست " هي مزيج من الأضواء الواضحة و الظلال التي تحتاج إلى الكشف عنها
View all my reviews.