أنظر للدنيا بتحدي و بإبتسامة باردة الأعصاب تماما ...
أعرف أنني الأقوى .. لأني أتعلم ...
أذكرها بأني منذ عامٍ تماما كنتُ مشتتة و حائرة أيضا ، و كانت هي تمارس معي ألاعيبها ، فتوارب أمامي أبوابا ، ثم تحجبها عني تماما ... تضيء قناديلا ، ثم تتركني في ظلام دامس ... تؤرجحني ما بين الـ نعم و الـ لا .. منذ عامٍ تماما قررتُ قرارا حاسما بأن أترك العمل ، أترك بيتنا ، و أشق لي طريقا يخصني ... كنت عنيدة و مصممة لأقصى درجة ... و لم يكن أمامي طريقا واحدا محددا أو مفتوحا ... فقط ، كانت الحياة تتلاعب معي ...
محبطة ، خائفة ، وحيدة ، ضعيفة .. كنتُ ، لكني كنت أدعي القوة ؛ ذلك الإدعاء الماهر الذي تغلب على مزاج الدنيا المتلاعب ..
الآن ، أجد نفسي أيضا : و قد تركت العمل ، عليَّ ترك السكن - مع إنتهاء عقده - و البحث عن سكنٍ آخر ، و تمارس الدنيا ألاعيبها الأثيرة معي من جديد : فتتلون كل يوم بحال ، تفتح لي أبوابا أحبها و أنتظرها ثم تحجبها عني تماما ، فلا أرى أهي مغلقة و علي الطرق على غيرها ؟ أم هي مفتوحة ؟ أم مواربة مازالت ؟
تؤملني بالكرة في يدها ، فإذا ما اقتربتُ قليلا لأحصل عليها ، قذفتها فجأة في الإتجاه المعاكس ...
الآن لم يعد الأمر غريبا ، فأعرف تماما ما عليَّ فعله : أدعي القوة و المعرفة ... أطمئن أهلي جميعا بأن كل شيء على ما يرام في العمل ، في السكن ، و مع رفيقاتي فيه ..
أربت على قلق أمي ، بأني أريد قليلا من الراحة ، بأني أعرف الطريق جيدا ، أن كل شيء سيكون على ما يرام ، و أن الأبواب مفتوحةٌ على مصراعيها ، هو الوقت فقط ما يلزمنا ...
أنظر في عينيّ ذاتي ، و أذكرها باننا كنا هنا من قبل ... لا شيء يستدعي الدهشة او الفزع ... كل شيء سيكون على ما يرام ، حتى لو حُجب باب ، فسيُفتح غيره - و من حيث لا أدري أحيانا - ... أن عليّ التشبث بعنادي ، بروحي المرحة التي تخرج بلسانها للمصاعب ... و أن عليّ الاستمتاع بإنسانيتي لأقصى درجة فيها ، بما فيها من صعوبة ، تحدي ، لايقينية ، و بطرقها المتشعبة المضببة ..
و أنظر للدنيا أيضا ، و أخرج لها بلساني : " فوقي يا دنيا ... إصحي يا دنيا "