* Deactivate my account
كان الأمر مفتوحا فيما سبق .. تضغط على هذا الخيار ليختفي كل أثر لك من على الفيس بوك حتى ترغب أنت في العودة، حتى لو ابتعدت شهرا أو أكثر ...
أحاول إعادة نفس هذا الخيار منذ قليل لأفجأ بأنه لم يعد مسموحا لك بمحو نفسك من دنيا الفيس بوك لأكثر من سبعة أيام ... وكأنك موظف قد استنفدت رصيد أجازاتك !
أدوس على الأسباب الممنوحة أمامي عذرا لرغبتي في تعطيل حسابي على الفيس بوك واحدا وراء آخر... لأجد الحل يقدم أمامي من قبل إدارة الفيس بوك لأجربه سواء كان "عذري" ضياع الكثير من الوقت عليه، أو غيره، "دعنا نعلم ما مشكلتك، يمكننا مساعدتك" ... أكاد أتخيل الجمل المكتوبة أمامي على الفيس بوك موظف خدمة عملاء -أو بالأحرى موظف تسويق - بإبتسامة واسعة "مصرا" على مساعدتك في اختيار سلعة ما أنت غير راغب حقا في اقتنائها مهما بدت مزاياها الرائعة ...
"لا أرغب وكفى!"
أفكر جديا في محو حسابي للأبد على الفيس بوك... لكني أعتقد أني لست بهذه الشجاعة بعد... بل ربما تستبقيني بعض الأشياء التي حفظتها في بروفايلي للاطلاع اللاحق .. أو بعض ما كتبت هنا أو هناك ...
لكني حقا أشعر كمثل المدمن الذي يعرف تماما أن المخدر يدمره تدريجيا، لكنه يعود إليه باستمرار حتى بعد بعض من تعافي ...
أكره الفيس بوك منذ زمن طويل حتى على الرغم من أني أول رواده من دائرة معارفي وأصحابي .. حتى لو استفدت منه عمليا أيام عملي في الصحافة، أو كان جزءا من عملي كمنسقة إعلامية وعلاقات عامة ... حتى لو استفدت منه شخصيا بإيفنت جيد هنا أو هناك ذهبت إليه من خلاله واستمتعت به ... حتى لو سمح لي أحيانا ببعض اختلاس نظر إلى بروفايلات بعض ممن أهمني أمرهم في وقت من الأوقات ... كما سمح لهم أيضا بالمثل ... - أو ربما لهذا أكرهه- .. حتى لو رسم لي أحيانا صورة بها قدر من النجاح والتحقق ...
أكره الفيس بوك حتى وأنا أستخدمه بشكل معتدل أحيانا أو بشكل عادي أحيانا أو بشكل إدماني أحيانا ...
حاولت كثيرا الابتعاد ، وكتبت كثيرا على هذه المدونة ذاتها - حسبما أتذكر عن ذلك، لكني كنت أفرغ غضبي اتجاهه هنا ثم أعود إليه ببساطة لأسطر شيئا ما أو أشارك شيئا ما ...
لكني حقا مللت ...
الفيس بوك هو من أكثر الأشياء التي قربت جداا بين الناس درجة المباعدة ...
غضبت من صديقتي وشبه قاطعتها مدة طويلة فقط عندما أغلقت حسابي لمدة من فترة، لأجدها تتصل بي فزعة خشية أن أكون قد حذفتها من عليه! اغتظت جدااا : كيف لم يؤثر بها كل الجفاء الذي بيننا طوال الفترة الماضية ، وآخر مكالمة بيننا، وتأثرت بمثل هذا التصرف التافه !
هل أصبحنا مجرد أسماء لدى بعضنا البعض على الصفحات؟
عندما سافرت أمريكا قررت ألا أقول لأحد على سفري إلا عند عودتي ... وأخبرت أبوي وإخوتي قبل سفري فقط بحوالي الشهر تقريبا وطلبت إليهم ألا يخبروا أحدا حتى من العائلة
...
من جهة، كوني أسافر المرة الأولى خارج مصر، ووحدي، وفي إطار خارج إطار العمل الحكومي الذي أنتمي إليه، هو شيء يستدعي التحبيط والافتراضات الخزعبلية التي قام بها أبي وأمي مشكورين بالفعل، ولم يكن لدي الطاقة ولا الوقت لأسمعها ثانية من آخرين ...
ومن جهة .. شعرت أن لا أحد هناك ليهتم ... لا عائلتي .. ولا أصدقائي ... ولا أي أحد ...
ليس هناك من يهتم ليعرف "عني" أنا ياسمين شيئا ، وليس هناك من أهتم لأجري إليه وأخبره بالتفاصيل وأشاركه حقا ونسعد معا ونخطط معا ...
صارت الأمور في حيز "الأخبار" التي هي بعيدة عنك ولا تخصك في شيء لكنك قد حصلت على "امتياز" المعرفة فحسب ...
سافرت وقمت بتشيير بعض الأشياء وأنا في هذا المطار أو ذاك وبعض الصور لأجد ما توقعت : الحماس المبالغ فيه من الجميع باعتبار أنه شيء "واو" / السفر أن يحدث لأحد معارفك / بينما أنت تجلس متململ حيث أنت ... وغضبت عمتي أني لم أخبرها بسفري وأنها علمت به عن طريق ابنتها من الفيس بوك!
ماذا لو لم أضع شيئا من سفري هذا على الإطلاق؟ لم يكن أحد ليعرف أي شيء! لأنه ليس هناك من أي علاقة قريبة حقيقية تعرف فيها كيف كان الناس أمس وكيف أصبحوا حقا ...
أيضا ، كان أكثر ما يضايقني اهتمام زميلات العمل "الذين على شيء من انسجام معي في العمل " بي وتوددهن إذا ما كتبت يوما أني متضايقة أو لست سعيدة أو أن هناك ما يؤرقني ... في حين أني فعليا أمامهن! نحن معا ولكن كل شيء على ما يرام لأن لا أحد يلاحظ أحدا حقا قدر ما يلاحظ تطور أموره عبر الفيس بوك!
صرت أصلا أشعر بالشك في مشاعري أنا شخصيا وأنا أقرأ شيئا هنا أو هناك لأحد معارفي القدامى أو أتابع صفحته أو صوره ... صرت أشعر حقا وكأني "أتجسس" على حياة بعيدة عني .. حتى لو وضعت "لايك" أو كومنت... بل لو كان هناك حدث جيد يحتفي به أحدهم، صرت أشك في صدق مشاعري بالفرحة له ... لأن المسافات تناءت.. ومن أعتقد أني أشاركه فرحته صار هو نفسه شخص حيادي .. بعيد ... لا علاقة لي به .. ومشاعري في حقيقتها هي مشاعر عادية ... صحيح أني أتمنى الخير لكل الناس ... لكن "كل الناس" يقعون في الناحية العادية من الأشياء والمشاعر والأحداث ... حتى لو كانوا معارف سابقين أو أصحاب سابقين أو مشاركين في درب ما ...
ولا يبقى على الجهة الأخرى إلا القريبون حقا : الأحباء .. والأصدقاء.. ومن نتواصل معهم دائما ونشعر بالراحة في وجودهم من البشر حتى لو لم تكن علاقتنا قوية إلا في ابتسامة نتبادلها بصدق وكل منا يسير إلى جهة ...
صار يقلقني أصلا كمية "الاختزالات " التي صرنا إليها ... كلنا صرنا مختزلين في كلمات وصور ... فقدنا أصواتنا ... فقدنا ملامحنا وهي تتغير وتتلون من حال إلى حال ومن شعور لشعور ومن جملة لجملة ...
أنا منهكة حقا ... وأشعر وكأني قد تحولت إلى صورة "أنيماشن" في عالم كارتوني ... وأريد العودة مرة أخرى لبشريتي ... أريد العودة جسدا وحضورا وانفعالات وصوت ...