الأحد، مارس 30، 2008
البحث عن المشاكل
الأحد، مارس 09، 2008
جنة الجحيم البشري
Rated
أقل من 18 سنة ، و المحافظون ، و شديدي التدين يمتنعون :)
Rated R for strong sexual content including dialogue, violence and
كي يستعيد المرء حيويته ، شغفه ، و لهيب حماسه ، فعليه أن يشاهد – أو يفكر – أو يكتب عن فيلم مثلQuills
وجدتُ نفسي أتمتع و أنا أحكي ل نهى – حيث قادتنا الأحاديث – عنه
يُثار فضولها فتذهب لليوتيوب ، و أتبعها فورا ، و كأني كنت في غيبوبة ، فلم أتذكر أمر هذا اليوتيوب من قبل
كيت وينسيليت ؟جيفري راش ؟ إميليا وارنر ؟
هل يجب أن أتحدث عن الآداء المذهل لكل منهم ؟و بالذات / الفتاة الصغيرة / سيمون أو إيميليا وارانر / البريئة التي تربت في الدير ---- ثم --- الزوجة الصغيرة المقهورة مع زوج جلف متصلف في عمر جدها ----- ثم ---- قارئة الكتب الإباحية --- ثم الباحثة عن المتع الجنسية بحدودها القصوى – التي تنحو إلى أوضاع شاذة أحيانا ؟
Amelia Warner
هل التحدث عن السيناريو الذي يقدم شخصية " ماركيز دو ساد " بشكل ٍ مختلف تماما عن ما كان يمكن أن يكون عليه الأمر لو كتب الفيلم أي شخص آخر نقطة بدء جيدة ؟
تلك الشخصية المحيرة التي ارتبط ذلك المرض النفسي الشهير " السادية " بها ---- ذاك الشخص الغارق في الجنون ، و المجون ، و الابداع ، و حب التعذيب و القسوة
ليضعها السيناريو في مكانها الطبيعي : بالنسبة للمجتمع – ليس المجتمع الفرنسي في القرن الثامن عشر فحسب ، و لا بالنسبة للمجتمع الشرقي لو كان ليكون بها – بل المجتمع – أي مجتمع، و بالنسبة للحقيقة كذلك :إحدى المصحات النفسية
ذلك المكان الذي شهد نماذجا تدعي العقل تتداخل حكاياها مع الخط الرئيسي :مادلين / كيت وينسيليت/ الخادمة التي تتواطأ مع الماركيز / جيفري راش / – تهرب رواياته إلى خارج أسوار و بوابات المصحة لتُنشر / بإخلاص تام و دونما مقابل ، مع تمتعها الكامل بقرائتها
القس الشاب / جوكيان فونكس / الذي يتحدث بسلطوية و ثقة ، ثم يتلعثم و يتهرب أمام ثقة و حسم " دو ساد " فيما يجادل فيه – حتى يتحول في نهاية الفيلم إلى نسخة منه بعد أن كان يحاول هدايته
الدكتور العجوز / مايكل كاين / الذي يتزوج بفتاة صغيرة في عمر أحفاده ، و لا يكتفي – بل يعاملها بجفاء و جلافة موضحا تماما أن واجبها في هذا المكان هو امتاعه ليس إلا
و الذي يهاجم " دو ساد " ، و كتاباته " الهدامة للأخلاق " ، ثم يفخر بعد موته و شهرة كتاباته أنهم كانوا يقدمون له العون في المصحة من أجل أن يبدع و يكتب
السيناريو الذي يقدم لنا " دو ساد " من منطق ليس متعاطفا فحسب ، بل شغوفا به أيضا
يقدم " دو ساد " كما ينبغي ل " بطل " أن يُقدم
قبل أن أستمر في الكتابةعليّ أن أفرق بين منطق العمل الفني و منطق الحياة ، و وجهة النظر التي يقدم من خلالها العمل الفني
عليّ أن أؤكد بدايةً أن العمل الفني له حياة بذاته مستقلة بشروطها و عالمها عن حياتنا و مقايسها
صحيح أنه في معظم الأحيان ، تستمد حياة العمل الفني مشروعيتها و حياتها من تفاعلها و تواجدها ضمن حيز حياتنا الواقعية ، لكن الأمر ليس كذلك دائما
ففي أمثال هذا الفيلم مثلا ، يجب التعامل من خلال منطق الفيلم الخاص
الذي يقدم شخصية ك " دي ساد " كبطل أسطوري ، لا كمجنون ، أو كشخصية ماجنة تستحق الاحتقار مثلا
بل كشخصية متناسقة مع ذاتها أكثر ممن حولها ، كشخصية حاسمة ، تعرف ما تريد و تسعى اتجاهه مهما كلفها
و أعترف أني كنتُ في شدة الغيرة منه في لحظات إبداعه التي لم يقف أمامها شيء
منعوا اتصاله بريش الكتابة / الذي يستمد الفيلم اسمه منها / و الأقلام
فصار يكتب بعظم الطيور على الملاءات ، و تأخذها الخادمة ( كيت وينسليت ) لغسلها ، فتنقل ما عليها من كلام إلى الورق أولا ثم ترسل بها إلى الناشر
اكتشفوا الحيلة ، فجردوا غرفته من الأثاث ، و أرسلوا إليه اللحوم منزوعة العظم
فكسر المرآة ، جرح أصابعه ، و كتب بدمه على ملابسه ، و جسده
حرموه من الزجاج المكسور الذي ينقل دمه مدادا
فصار يملي كلماته عبر صف طويل من زملائه في المصحة النفسية المجاورين له في غرفهم حتى تصل الكلمات إلى خارج أسوار المصح النفسي
( بعد كثير من التحريف بالطبع )
الفيلم محير و صادم بشكل كبير
صدمني إعجابي الشديد به أكثر من أي شيء آخر
فبمقايسي سابقا : الفيلم يتناول شخصية لاأخلاقية ، و شرسة و عنيفة
و حتى كل ذلك الكفاح من أجل الكتابة ،و الذي بدا كفاح قديس من أجل إيصال رسالته
كان من أجل كتابة روايات إباحية ، و مغرقة في أوصاف و ممارسات جنسية عنيفة و غير طبيعية
إضافة إلى ذلك ، بعض لقطات الفيلم نفسه كانت تحمل مثل هذه الصفات
و مع ذلك ، كانت جرعة الفن في الفيلم كفيلة بنسيان أي شيء
حتى تلك اللقطة التي ظهر فيها ثلاث أشخاص عراة تماما في وضع ممارسة ( معا )
كانت جميلة !!!
جميلة و ليست مثيرة بأي شكل من الأشكال
فقط لأن (فيليب كافمان ) المخرج كان مدركا أنه في سبيله لتكوين تحفة فنية
فظهرت لقطاته كلوحات فنية مستقلة بذاتها من ناحية ، ذات تكوين مميز و إضاءة عبقرية و ألوان متناسقة
كما استطاعت المشاركة في تكوين النسيج العام للفيلم و موازاة بعضها البعض لتنتج تركيبا متماسكا حيويا نابضا للفيلم
و لأن الفيلم يعتمد على جماليات السينيما في المقام الأول ، أكثر منه فيلما تجاريا
كانت ولولة بعض النقاد في المجلات البريطانية أيام صنع الفيلم من أن " كيت وينسليت " ستضيع شهرتها و جمهورها الذين اكتسبتهما بعد فيلم " تيتانك " بمغامرتها في فيلم يخاطب مهوسي الفن السابع ، و ليس جمهوره الطبيعي العريض !!!
أكثر ما حافظ على إيقاع الفيلم و انسيابته و إندماج المرء فيه ، و ذلك التسمر العجيب أمامه
كان المونتاج من ناحية ، و موسيقاه العبقرية من ناحية أخرى
فقد كانا رشيقين بشكل غريب ، و غاوي
لا أعرف لم ظننتُ أن مخرج هذا الفيلم هو نفسه مخرج فيلم
Shakespeare in Love
هناك شيء ما شديد الابداع مشترك ، و لمسه واحدة تضبط إيقلع الفيلمين ، لم أتوصل إلي هذا الشيء إلا و أنا أكتشف أن واضع موسيقى الفيلمين واحد : ستيفن واربيك
Steven Warbeck
و الذي حصل على الأوسكار لموسيقاه في
Shakespeare in Love
لم أكن أعتقد في أن الموسيقى يمكن أن تلعب دورا حيويا هكذا في صنع بصمة فيلم
الفيلم لم يكن شيقا بإخراجه ، و تمثيله و موسيقاه - و لن أقول بغرابته - ، فحسب
بل؛ كان السيناريو في المقام الأول ككتابة فنية محترمة هو أول عناصر الجمال
اعتمد السيناريو على لعبة ( التدوير ) ، فبدأ بماريكز دو ساد ، و هم يدخلونه المصحة النفسية ، محاولين كبح جموحه
و ينتهي بنفس المشهد ، و لكن بعد أن تحول القس السابق إلى " دو ساد " آخر ، محاولين كبح جموحه ، معترفين للأول بعد موته - أمام أضواء الشهرة و الإعلام - بالابداع و التميز ، متمسحين في ذكراه ، مدعين مساندته سابقا
استطاع كذلك السيناريو بذكاء بارع إبراز المتناقضات بين الشخصيات و بعضها ، و داخل الشخصية الواحدة كذلك
كما كان واضحا للغاية التحولات الجذرية التي حدثت للعديد من شخصيات الفيلم / و المنطقية جدااا و المتدرجة / بينما بدت شخصية الماركيز كفنار ثابت يهدي من حوله بضوء الجنون و الانحلال و الحرية المطلقة التي لا مصد أمامها : لا أخلاق ، و لا دين ، و لا كياسة أو ذوق ، و لا مجتمع
ألم أقل أنه فيلم صادم ؟
الصدمة الأكبر أن هذا الاتجاه ليس اتجاها لهذا الفيلم / أو أمثاله / فحسب
بل هو اتجاه لمدرسة كاملة ظهرت في الستينات سيطرت على اتجاه التفكير و الفن ، و الفلسفة ، بل و السياسة
/ مدرسة ما بعد البنيوية ، أو ما بعد الحداثة /
و التي كان أحد اتجاهاتها : الولع بالشر ، بالانحراف ، بالإجرام ، و معاداة قواعد المجتمع
معتبرين شخصيات ك " ماركيز دو ساد " الرواد الأوائل المغامرين في أرض الجحيم البشري ، واضعي الفروق بين الحضارة و الطبيعة ، محرري الرغبات الغريزية البشرية المقموعة خلف سياج المجتمع الأبوي ، و الرأسمالية ، و النفعية
محاولي الوصول إلى التوحد مع الكون و الطبيعة كغيرهم المتعاملين مع ما هو مقدس
لكن من خلال طريقتهم الخاصة :
الانغماس في ما هو شديد المادية ، الأيروتيكية ، و ترك الرغبات البشرية الطبيعية / مهما كان جموحها أو قبحها أو شذوذها / على حريتها !!!!!!!!!!!!!!!