ليس لي أن أصدق ان حسن داود ليس مصورا بارعا ً يستطيع التقاط التفاصيل و إرتشاف ما بها من جمال و محاولة إبرازه بكاميراه الخاصة ... ليس لي ألا أتخيل أنه قد ضل الطريق من استنطاق جماليات اللحظات ، الأشياء ، البشر في وضع السكون الذي يكشف عن حركة خفية- تنساب في نعومة فائقة - بكاميرا المصور ، إلى محاولة إدخالها في مجال حركة مفتعل عندما حاول التعامل معها كروائي
لفت انتباهي بشدة ذلك الشغف بتلك التفاصيل الساكنة ... للبناية : بناية ماتيلد ... عمارتها ... دقائقها الصغيرة : السلالم - الشرفات - الحديقة - البناية من الخارج / من الجانب / زواياها / تكوينها / بل؛ و ما بداخل بعض شققها من أثاث
لم يقتصر هذا السكون على الأشياء - للأسف - بل امتد ليشمل شخوص القصة ، علاقاتهم ببعضهم البعض ، بالبناية ، بل و بأنفسهم .. حتى في تلك اللحظات التي كان يُفترض فيها حدوث حدث ( أو بالأحرى موقف ما ) ، لن تجد سوى السكون يحاصرك
ليس هناك من شخوص حية من لحم ٍ و دم في هذا العمل ... ليس هناك من صراعات حقيقية
و على الرغم من أن الراوي يعد نفسه أحد شخوص الرواية ، إلا أنه ليس كذلك حقا - هذا إن أثبتت تلك الشخوص نفسها شيئا من تماسك - ... دائما هناك حكيا ً عن الجميع ... حكي متواصل من بداية العمل و حتى نهايته / حكي خارجي كذلك .... إخبار لا أكثر عن بعض لمحات سكان البناية و الجيران و من جاء و من غادر
ما الذي دفعني لإكمال القراءة بالرغم من بعض الملل الذي تسرب إليّ ، و عدم وجود أي تفاعل بيني و بين ذلك العالم الذي يُفترض بي الولوج إليه ؟
غير الفضول الذي انتابني أثناء القراءة و التساؤل الذي كان يلح عليّ : كيف عساها تنتهي ؟ ما الذي يريد حسن داود من بنايته تلك ؟ هل ربما يختلف انطباعي عنها بنهايتها ؟
و غير الإحساس المعتاد الذي ينتابني عند الشروع في قراءة عمل ما - مهما كان مستواه - أنه لابد من إعطاء النص فرصته حتى النهاية
هناك أيضا تلك المزية الملفتة و التي تحدثت عنها أول الأمر : ذلك الجمال الذي ينساب من التفاصيل الساكنة - و إن لم يكن هذا هو مكانه
فهناك أجزاءا تمتعت بها بالفعل ، لكني كي أستطيع الوصول إلى هذه المتعة كان هناك تحويلا دائما لها في ذهني من سطور متتالية إلى صورٍ فوتوغرافية أو إلى لقطاتٍ سينيمائية كتلك التي تستفز إمتناني الشديد و تقديري لعالم السينيما كفن في نوعيات الأفلام التي أحب : تلك الأفلام التي تخلو من الثرثرة ، تعتمد على جماليات الصورة - الموظفة بالطبع في السياق - و تعتمد ذلك البناء الذي يدفع بنشوة الإحساس بالجمال في العروق
و دُهشت بالفعل في بعض الأجزاء التي كانت لتكون لقطات سينيمائية بارعة تكشف الكثير مما خلفها و تصنع عالماً بالتوازي مع لقطات أخرى تعتمد نفس التركيب و نفس التفاصيل تقريبا مع تغيير تفصيلة أو اثنتان لتكشفا مفارقة ما أو إحساس إنساني عميق ... لكني عندما كنت أعود إلى ما بيدي ، كنت أجد التفريغ لما كان يمكن أن يكون موجودا وراء إيماءة ما أو زاوية ما
الرواية انتهت بخراب البناية كلها نتيجة للقصف على لبنان - الذي لم يقع سوى في الجزء الأخير من الرواية ، و مقتل مدام ماتيلد الصموت التي لا علاقة لها تقريبا بجيرانها على يد ذلك الطالب الذي جعلته يستأجر إحدى غرف بيتها
و بالمناسبة ، مدام ماتيلد ليست هي صاحبة البناية
ترى ... هل لم أفهم الرواية كما ينبغي ؟
هناك 14 تعليقًا:
بصراحه ما قريتشي العمل
عشان كدا ما اقدرشي احكم
لكن شوقتيني
انا برضو ماقريتش العمل
بس انتي قريتي الرواية كما ينبغي
عجيبنى احساساك بالروايه من اول الصور لحد اكمالك النص على الرغم من الملل اللى اتسرب ليكى انك فهمتى الرواية او لا مقدرش اقولك بس اكيد حسيتيها و دى احلى..مدونتك رائعة دى اول زيارة ليها و مبسوطة
الظاهر ان الكل مقراش الروايه..بس انا بصراحة ماشتقتش اني اقراها
لو العيب الخطير في سكون الشخصيات ده موجود يبقي معاكي جدا في اول تلات سطور
عاجبني اوي نوع السينما اللي بتحبيها وشايف انها السينما الممتعة بجد
عاجبني برضه جدا التفاتك لنقطة تركيزه علي اللقطات الساكنة بس اتمني انك تكوني مقريتيش الرواية بانطباع مسبق عنه انه هيتصرف بالطريقة دي
جميل اوي انك بتقدري تكملي النص اللي وصفتيه بعدم التفاعل معاه عشان تديله حقه وخصوصا اذا كنت هتعطي حكم او قراءة ليه
فى الاول احب اقولك انى دخلت وقرات العمل اكتر من مرة وسائلت على الرواية وعرفت قصتها وها انا بعلق
اولا شى جميل ان واحد يتاثر بحاجة ويكتب عنها وبجد يخلى كل اللى يقرا عملة فعلا يتاثر بلعمل الاولنلى والتانى سوى بجد العمل رائع
nice blog plz visit cairo teens blog
www.cairoteens.blogspot.com
شكرا يا شغف ..رجعتينى قريت الروايه تانى .. أعتقدها من انواع الأدب الذى يكرس و يوظف عبقرية المكان .. أحد أبطال القصه كان جغرافة العماره .ز ولو قريتيها تانى هاتلاقى أن نقوش السلم و شكل الجدران و الشبابيك و المناظر اللى بتطل عليها .. هو كمان عنصر فى الحوار الغير منطوق
شكرا لتذوقك .. و افتقد تعليقاتك عندى
انتى المسئوله لااااااااااازم تجيبى الروايه وتيجى عشان اقراها
بحبك يا حوريه
آدم ، أريسطو ، ماريا ماجدولين :
منورين
نور و جنية : أهلا بكن
sword:
الرواية بتاعة روائي لبناني اسمه حسن داود ، و أصدر الرواية دي حاجة و تمانين 82 أو 83 حاجة كده
شادي سعيد :
شكرا على المعلومة
سيزيف :
هوه أصلا الانطباع المسبق الوحيد اللي كان عندي هوه انها رواية كويسة و تستحق القراية
لكن طبعا ده مالوش أي دخل في تعاملي معاها و لا الانطباع النهائي اللي خرجت بيه عنها
و طبعا ما كنتش أعرف أي شيء عن أحداث الرواية و لا طريقتها
و يمكن بعد ما خلصتها قعدت أعمل سيرش عنها في النت ، و اندهشت لما لاقيته هوه نفسه واخد باله من حتة سكون شخصياته دي في حديث له
و على فكرة ، كويس جدا انك ما شتقتش لقرايتها ، ؟لأنها فعلا ما تشوقش ، و كتابة راي عنها مش معناه أبدا انها عجبتني أصلا أو اني بأنصح الناس تدور عليها و تقراها
تمام جداا يا سيزيف
lastknight:
أكيييييييييييد معاااك جدااا في ان جغرافية العمارة هيه أصلا كانت البطل الرئيسي في الرواية
و عنصر في الحوار الغير منطوق زي ما قلت ، بس المشكلة في الرواية إن سكون الشخصيات و الأحداث خلى الأرضية كلها نفس اللون ... لأنه تساوى بشكل أو بآخر مع سكون العمارة و المكان بتفاصيله ، فبالتالي أفقد عبقرية المكان توظيفها الحقيقي في سياق الرواية
و ده من رأيي كان عيب جامد فيها
أسعدني وجود تعليقك عن جد
اه ... كرانيش
خديها يا اختى ليكي خاالص كمان
لما أشوفك بس
تحيات جزيلة لمجرد انك قريتى؛ خصوصا ان البنات مش بيهتموا لا بالقراءة و لا الأدب و لا الثقافة عموما
egyptos
و مين قال لحضرتك بقى المعلومة الخطيرة دي؟
إرسال تعليق