الأربعاء، نوفمبر 30، 2016

FB


"واحد اتنين تلاتة كارونيه كارونيته .. استخبى انتا وانتا فار وأنا قطة ... حلوة اللعبة دي انتا فار وأنا قطة؟ " 

تتلبسني روح "الكتكوت" المغامر مرة أخرى الذي قرر أن يترك العشة ويمضي بعيدا ... قرر أن يتخلى عن "لعبة كارونيه كارونته" التي لعبوها آلاف المرات هو واخوته... 

وتكبر الفكرة داخلي منذ أمس: حذف تاريخي الفيسبوكيي نهائيا ... 

ما الذي يمكن أن أفتقده عندما أفعل ذلك؟ 

1- سأفتقد إحساس كاذب بالتواصل .. تواصل غير موجود حقيقة مع أي شخص، حتى مع من قد أتبادل معهم الرسائل والتعليقات والإعجابات ... 
تحضرني جملة "أمين " (محمد ممدوح) في مسلسل "جراند أوتيل" : "ولما أعوز أحضن أبويا .. هحضن دي؟ "مشيرا للورقة بيده" ...
وأنا لما أحب أحضن صديقتي مثلا هحضن صورتها ع الفيس؟ لما أحب أبتسم ف وش حد أخلي الصور الكارتونية تعبر بالنيابة عني؟ لما أحب أعرف "س" أو "ص" بيتكلم جد ولا بيهزر .. بيكدب ولا بيقول الحق ، أبص في عين صورته ع الفيس ولا ف عين كلماته وحركاتها على الصفحة؟ لما أبقى متضايقة شوية لازم أكتب للي أعرفه واللي معرفوش "أشعر بالحزن" عشان ألاقي عبارات المواساة ؟ 
"التواصل الفيس بوكي" من أكبر الكذبات اللي خدعونا بيها فانخدعنا ... للأسف إحنا مش بنتواصل .. احنا فعلا بنتباعد ... بتبعدنا الكلمات والصور عن الواقع ... 
فيه محل اسمه "كازيون" ... وكاتب عليه إن أسعاره أرخص أسعار وتخفيضات وما أعرفش ايه .. ماما كانت عمالة تزن على أخويا تجيب حاجات م المحل ده، بس ساعتها أخويا قالها إن المحل ده أسعاره فعليا هي الأغلى ... 
اتفاجئت من الحقيقة : إحنا بنصدق حاجات كتير مش حقيقية لمجرد إنهم "كاتبين" عليها ما يناقض حقيقتها أو قايلين ما يناقض الحقيقة ، واحنا صدقنا الكلمات مش الحقيقة المفروض تكون الكلمات معبرة عنها ! 

للأسف الكلمات كانت مجرد رموز معبرة عن حقائق في بداياتها ... واحدة واحدة بقت الرموز والظلال بتاخد مكان الحقايق وتحل محلها كليا مش بس بتعبر بشكل رمزي عنها ... وعشان كده الحكومات بتستغل سلاح "الكلمات" لصالحها حتى لو ناقضت الحقايق وخسفت بيها الأرض ... مادام الكلمات جيدة فلا أهمية لا للأفعال ولا للحقائق ...
برضو كاتبين وقايلين على موقع "الفيسبوك" إنه موقع تواصل ... في حين إنه فعليا موقع "تباعد" .. 
فيه فرق شاسع بين إن الواحد يعرف معلومة عن حد، وإن الواحد يقيم حوار مع الحد ده ويشوفه ويكلمه ويسمع صوته ويقضي وقت معاه ... 

من مدة كده قابلني مقال فاجئني بإن نوعية "الحب" و"الاهتمام" الأساسية لكل حد فينا مختلفة.. سواء تعبيرا أو استقبالا ... هوه كان بيتكلم على ما أتذكر بشكل أساسي عن الأطفال وطريقة تواصل الأبوين معاهم على حسب طريقة الحب اللي تفهمها كل نوعية ... ففيه حد يبقى طريقة تعبيره عن الحب وأهم حاجة برضو بتنقله إن اللي قدامه مهتم بيه وبيحبه هيه إنه يجيبله هديه ... فيه حد تاني إن اللي قدامه يحضنه أو يطبطب عليه أو يلسمه ... فيه حد تالت إن اللي قدامه يعمله حاجة ... والنوعية دي مثلا لما تحب تعبر عن اهتمامها ممكن تقوم تكنس الشقة لمامتها أو تغسل المواعين أو تعمل حاجة ما ... وفيه نوع رابع الحب والاهتمام بالنسبة له هو مجرد تقضية وقت مع بعض ... يعني مجرد انكم قاعدين مع بعض في نفس الحيز حتى لو كل حد مشغول بحاجة ... 

نوعيتنا أطفالا أعتقد إنها ما بتتغيرش كبارا ... وبالرجوع للطرق المختلفة اللي ممكن الأبوين يتواصلوا بيها مع أطفالهم ويحسسوهم بالاهتمام ... (التواصل أساسه اهتمام بالتواصل واهتمام بالشخص) ... تنفضح أكذوبة الفيسبوك إنه وسيلة تواصل ! 
هوه في الواقع وسيلة "توصيل" مش "تواصل" .. 

************************

2- سأفتقد إحساس كاذب بالأهمية والشهرة والتحقق 

فعلى الفيس بوك أصغر وأتفه حاجة بتعملها بتحتفل بيها باعتبارها إنجاز رائع وكله يدخل يبارك ويهني ويعتبرك فنان وعظيم وأنجزت ... 
في حين إن كل اللي عملته هوه إنك وصلت لأول السلم، ما طلعتش حتى أول درجة من درجاته ... 


***********************

3- سأفتقد إحساسي بالإحراج وعدم الراحة 

لما حد يشوفني لأول مرة ويقولي "إحنا أصدقاء ع الفيس بوك" وأنا ما أعرفوش أصلا ... 
لإن ممن اسمهم "أصدقاء" على الفيس ناس ما أعرفهمش مطلقا، بس اللي حصل إني ممكن أكون قريت حاجة حلوة بالصدفة هنا أو هناك أو فيه مجال مشترك وحاجة أنا مهتمة بيها فضيفت هذا الشخص أو ذاك لإني احتمال أعرف عن طريقه تاني حاجة حلوة أو حاجة أنا مهتمة بيها ... أو بأقبل إضافة الأشخاص اللي شغالين في نفس المجال وفيه بيني وبينهم ناس مشتركين ... 
بس بالتدريج اهتمامي نفسه بالحاجات بيقل وبيبقى سطحي سطحية الفيس بوك... وبأنسى أنا ضيفت الناس دي ليه أصلا ... ده غير إن الطوفان المكون من 4 آلاف وشوية بني آدم صعب انك تفتكر منه أكتر من 1/100 .. حتى أصحابك اللي تعرفهم واقعيا بيتنسوا في خضم الناس دي كلها ...
طب حل أكاونت ماعليهوش حد غير أصحابي وبس ... هنرجع لنفس معضلة "حقيقة التواصل" ... 
وأصلا في لحظة هتلاقي حاجة من اتنين: إما إنك مركز ومتابع مع حد ما، هوه مش مركز معاك بنفس الطريقة ولا بنفس القدر، أو إن فيه حد مركز معاك بزيادة وإنتا مش قادر تهتم نفس الاهتمام ... 
وساعات بيبقى اللي فارق وقتك ووقته وفرق التوقيت في الشغل .. في لحظات البراح والأجازة والفضى وأوقات الشغل ... فيه ملايين التفاصيل حقيقي بتفصلنا عن بعض وما بنقدرش نلقطها صح من ورا الشاشات ... 

************************
4- سأفتقد إحساس "الرخص" الذي يظلل التفاعل مع القريبين 

أنا عارفة إني هقع فعليا من ناس كتير ... لا هيتصلوا ولا هنتقابل إلا صدفة يمكن ... 
ناس كان سهل جدا بالنسبة لهم يبعتولي رسالة أو إيموشن أو صورة تهنئة بعيد ميلاد أو بايفنت على الفيس ... 
لكنهم مش حريصين على وجودي في حياتهم - ولا مهتمين أصلا - بحال من الأحوال ... 

************************
5- سأفتقد الإحساس بالسخافة مع كل التهنئات التي تأتيني في المناسبات 
واللي بتيجني بنفس الصيغ والعبارات من كل اللي أعرفهم واللي ما أعرفهمش .. كتييير قوي .. وأنا أصلا مابحبش جمل المناسبات . 

ليست هناك تعليقات: