الثلاثاء، أكتوبر 22، 2019

الإلهيات - نصوص مسرحية


      مجموعة من ستة نصوص مسرحية للكاتب العراقي "علي عبد النبي الزيدي"، تتميز جميعها بدهشة حدثها المحفز وغرابة شخصياتها.




ففي "يا رب" تذهب إحدى الأمهات إلى الوادي المقدس (طوى)  لتكلم الله - كما فعل موسى- وتفاوضه على منع الموت عن أبنائهن وإلا امتنعن عن الصلاة والصيام. تقابل النبي موسى ليتفاوض معها باسم الله ويحاول إثناءها عن تمردهن.
وفي الثانية : "إطفائيثيوس" ، يمل ويرهق رجل الإطفاء من إطفائه الحرائق والانفجارات المتتالية ، فيقرر صناعة سلم يصل إلى السماء ليطفيء نار جهنم التي تنبثق منها كل هذه النيران..
أما في "دنيا" ، فتحاول "دنيا" إقناع حبيبها بأن يركب معها سفينة نوح قبل أن يغرق الطوفان الوطن الذي رصف الدم شوارعه وخلا من الحب.
وفي "واقع خرافي" ، يخطيء عزرائيل في قبض أحد الأرواح نظرا لتشابه الأسماء، فيذهب للميت يقنعه أن يعود ثانية للحياة حتى يقبض روح الشخص المطلوب، وأنه سيعود ليقبض روحه أثناء استشهاده بعد عام، فيرفض الميت أن يستشهد مرتين، حتى مع قدوم زوجته لإقناعه، وصاحب المقبرة ليطرده منها.
وفي "ابن الخايبة" يوقظ "صابر" أمه كي تساعده على الانتحار.
وتختتم المجموعة مسرحية "لقاء رومانسي" بإرهابي يحاول ذبح ضحيته العاشرة كي يتوج أميرا للجماعة، ثم يكتشف أنها حبيبته القديمة.

   يبرع "علي الزيدي" في إثارة الاهتمام والفضول إتجاه عالمه المسرحي، لكنه يخفق في الحفاظ على الدهشة التي تفتتح هذا العالم ليدور في حلقة مفرغة.
فمعظم هذه المسرحيات تتكرر الحوارات داخلها بصيغ أخرى، سواء في المسرحية الواحدة نفسها يتكرر داخلها الحوار وتكرر الشخصيات نفس الكلام دون جديد، أو من مسرحية لأخرى تتشابه الحوارات على لسان الشخصيات هنا وهناك.
يحل السكون ضيفا ثقيلا على العالم المفترض به الدرامية والتقدم للأمام من نقطة لأخرى، وتبدو الشخصيات نفسها مجردة وحوارها مثقل بالفلسفة والعبارات الإنشائية.. لم تكن "شخصيات" في لواقع – وإن اختلف اسسمها وعالمها، بل شخصية واحدة منطقية تتحدث هي شخصية الكاتب. بدت المسرحيات كمقالات رأي وليس عوالما درامية.. مقالات رأي تقودها رسمة كاركاتورية للشخصيات دون أن يكون أيها قابلا للتصديق أنه شخصية من لحم ودم.. بدا كل شيء مجردا أكثر من اللازم، كما يتحدث الجميع بنفس الطريقة ويستخدمون نفس المفردات .. مستخدمين كلمة "مفردات" نفسها كثيرا من نص إلى آخر.

    ما فلت من هذا وكانت مسرحيية مبنية بناء جيدا جدا بشخصيات حقيقية مؤثرة قابلة للتصديق والتعاطف هو ديودراما "ابن الخايبة" .. صابر الذي يوقظ أمه لتساعده على الانتحار بدفع الكرسي من تحت قدميه عندما يتعلق بحبل المشنقة.
مسرحية بديعة لا تقل في جمالها عن مثيلتها: "تصبحين على خير يا أمي" للكاتبة الأمريكية "مارشا نورمان "كتبت سنة 1983" عن الابنة التي تقرر الانتحار ، فتخبر أمها بهذا في بداية النص، وما بين عدم التصديق ومحاولة الإثناء عن الفعل وبين تكشفات التفاصيل الأليمة من الماضي يستمر النص إلى أن تقتل الابنة نفسها فعلا في نهاية النص.
هنا شخصيتان مختلفتان تماما عن شخصيتي "نورمان" ، كذلك بعالم ذي تفاصيل مغايرة تماما.. إلا أن البناءء والفكرة الأساسية متقاربتين، وقد غزل "الزيدي" ببراعة عليهما.. وإن استمرت الأجواء السياسية في إغوائه واستمر الوطن في ملاحقته.. أيضا يبعد الزيدي خطوة عن مارشا نورمان ، فلا يجعل من الأم شاهدا سلبيا على الانتحار فقط أو مساعد غير متعمد بإرشاد الابنة إلى مكان بندقية الأب، لكنه هنا يجعلها شريك أساسي يدفع قدمي الابن عن الكرسي الذي يتعلق فوقه، بينما يستمر الإيقاع المزعج لشخير العم وزوج الأم – الذي يصاحبنا منذ بداية النص - موسيقى تتماس في قبحها ونشازها الحياة التي يركل الكرسي لأجلها صابر.


ومن مزايا هذه المجموعة أن عرفتني في أحد نصوصها  على أغنية "جي مالي والي" ذات اللحن البديع وهي أغنية من التراث العراقي..  مليئة بالجمال وأيضا إثارة الحنين. 


چي مالي والي ... (أي ليس لي ولي.... لا أب ولا أخ ولا زوج.. ليس لي أحد يقوم بأمري أو يدافع عني)
 بويه اسم الله  (=جملة تقال للشفقة)
چي مالي والي ... 
صدقه ال الله
متعذبه بدنياي يا بابا ... 
چي مالي والي
متعذبه بدنياي يا بابا ... 
چي مالي والي

حلو المعاني ... 
بويه اسم الله
حلو المعاني ....
صدقه ال الله
علمته يرمي سهام يا بابه 
حلو المعاني
علمته يرمي سهام يا بابه 
حلو المعاني

صد ورماني ... 
بويه اسم الله
صد ورماني ... 
صدقه ال الله
لمن تعلم زين يا بابه صد ورماني
لمن تعلم زين يا بابه صد ورماني
يالماردتني ... 
بويه اسم الله
يالماردتني ... 
صدقه ال الله
تكسر جناحي ليش يابابه 
جي مالي والي
تكسر جناحي ليش يابابه 
جي مالي والي



ليست هناك تعليقات: