الثلاثاء، أكتوبر 28، 2008

لماذا لم أختر الحبة الزرقاء ؟

طبعا لم أرغب في مشاهدته
فأنا لا أحب تلك النوعية من الأفلام التي ما هي إلا عراك طويل ، و طلقات نارية و حركات قتالية ما بين سكان كوكبنا و سكان كواكب أخرى ، أو وحوش ( أخرى ) .. إلخ
و طبعا ... رغبتُ جدا في مشاهدته ، و تربصت به حتى فعلت ... فقط ... لأن مشهدا ما قال لي أن هناك الكثير وراء تلك الملابس السوداء و الأعيرة النارية الباذخة
" تعتقد أنك مميز ! و أن القواعد لا تنطبق عليك !! "
هل هذه هي البداية الطبيعية لكل من يفكر في إختراق ( المصفوفة ) أو The Matrix ؟
هل هي البداية لنبضات الانطلاق غير المقيد للعقل التي تقول أننا نحيا في عالم ٍ خيالي ليس له وجود حقيقي إلا في خيالاتنا ؟
في الواقع ، هذه الأفكار بذاتها ليست جديدة
فقد كانت هذه هي الفلسفة السائدة في وقت ٍ ما : الشك في الحواس : تلك الحواس الخادعة التي يقودها عقل خادع يرسل بنبضاته العصبية ليقول لك أنك ترى أشكالا و ألوانا ، و تستشعر مذاقا و ملامسا ، و تسمع أصواتا ... بينما في الحقيقة / حقيقة العالم / ليس لأي من هذا وجود
بل هناك شكٌ في وجود كل ما و من حولك : كل هذا ما هو إلا أفكارا تجري في مخيلتك
بل في وجودك أنت ذاته : ما أنت إلا فكرة تجري في عقل خالقك
كذلك فكرة ( المصفوفة ) أو النظام الذي ما نحن إلا رموزا فيه لا أكثر ، تحدث عنها بورخيس في حديثه عن ( القبلية )
تلك الفكرة التي فُتنتُ بها في الواقع ، و ربما أجدها أكثر قابلية للتصديق من قصص أخرى عن هذا الكون
و تذكرتُ ذاك الحوار الذي دار بيني و بين أحد الأصدقاء المهتمين ببرامج السوفت وير و بلغة html
، و الذي قام بعمل لعبة كمبيوتر مستخدما تلك اللغة .... مع خلفيتي البسيطة نتيجة للعب السابق في كود البلوج
فكل مجموعة رموز ، أو كود ينتج عنه صورة أو حركة أو صوت أو تغيير ما
أليس هذا عالما مصغرا لهذا العالم الذي أنشأته ( كن ) ؟
وقتها قال لي أنه يروقه فكرة كونه ( إلها صغيرا )
لكن هذا الفيلم ... هذا الفيلم الذي تأخرتُ كثيرا جدا جدا في مشاهدته لاعتقادات سخيفة .. يتوسع في تلك المنطقة
يرى أننا في هذا العالم صنفين : أحدهما يحاول جاهدا الاندماج في النظام ، في الحلم / في اللاواقع / في المصفوفة / و يستميت في الدفاع عنها و قتال من يحاول خرقها أو الخروج عليها أو تدميرها
و ذلك الصنف الذي يحاول إدراك حقيقتها ، و يحاول تحرير نفسه منها ...
باختياره للحبة الحمراء ، فقد اختار فقدان راحة البال ، و الجري المضني وراء إجابات لأسئلة ربما لا إجابة شافية لها
لكنه لن يستطيع العودة
لن يستطيع إعادة الزمن و إختيار الحبة الزرقاء كبديل سهل و مريح و ممتع ، يجعله في تواؤم مع النظام و حاميا له
هذا الفيلم الذي ينتظر أبطاله رسولا مخلصا يناقض الصورة المعتادة للرسول المخلص
فهو المنتظر الذي يحاول تدميرا للمصفوفة لا اندماجا فيها و تدشينا لنظامها
أتساءل ... أي الحبتين أفضل ؟ و لو عاد بي الزمان ، هل كنتُ لأختار الحبة الزرقاء ؟
==========
ملحوظة: لم أر إلا الجزء الأول من الفيلم ، و أعتقد أن له أجزاءا أخرى

الجمعة، أكتوبر 17، 2008

Against Expectations


" Abstract Art Exhibition" , mmmm, " Shapes & Colors", mmmmmmmm." , I thought while reading the invitation of the exhibition.
" Wow! Another exhibition entitled "Woman Suffering"; creativity sure is the offspring of suffering J "
I smiled to the idea and took myself to El Sawy Culture Wheel to watch both exhibitions.
For my surprise, Samia Morsy El Ghary violated that coldness & indifference usually related to abstractionism . Colors realms are very vivid and mature. Colors speak and converse with the remained white areas to whisper to your feelings and realization with a certain thing that differs from a painting to another, but always hold your feeling of balance and content.
For my disappointment, Darin Muhammad provoked expectations that are very far away from her works. Let me just talk about the obvious expressive side of them : what have those relaxed faces and peace-minded women in their luxury to do with suffering? What have those saturated lines, colors, and compositions that are very stable with each other to do with it? There is just one painting or two that colors & the movement of lines try to "claim" revolution, but unable to reflect it . Darin needs to put pompous slogans aside and try to dive in her own deeps.






17/10/2008

الخميس، أكتوبر 16، 2008

مناديل ورقية


عدة أفلام عربي أشاهدها للمرة الأولى - على الرغم من وجودها على الجهاز منذ زمنٍ سحيق - تؤكد على نفس الملمح الأساسي في صناعة السينيما لدينا : مجانية المشاعر و القيم .
كان " جوزيف م. بوجز " يقول - في إحدى مقالاته التي ترجمها مصطفى محرم - أن هناك من يشاهد الأفلام بطريقة نقدية منذ المرة الأولى غير سامح لنفسه بالتأثر بأحداثها أو ما تجلبه من فرح أو حزن ، فهو يمنع نفسه من الإنغماس فيها .... و هناك - على العكس من ذلك - من يشاهدها منغمساً في أحداثها ، و لكنه غير قادر على معرفة الجيد فيها من الرديء أو على تحليلها بشكل قد يجعله أكثر قدرة على التواصل مع الفيلم ، و أن على المرء أن يجرب أن يشاهد الفيلم أكثر من مرة بأكثر من طريقة .
بالنسبة لي : أتعجب جدا من كم الانفعالات التي تمارسني بحرية أثناء مشاهدة أي فيلم : الاندهاش و الضحك المرتفع أمام مواقفه الطريفة / أو التي بها شيء من الاستظراف حتى / و ربما أحيانا إعادة إحدى الجمل أو التفوه بدهشة ناظرةً لمن حولي : " يا نهااار ! "
ترقرق الدموع في عينيّ ثم انسيابها بعمق - و ربما نهنة أيضا - أمام أي موقف به قدر من الشجن / و غالبا مع بدء الموسيقى التصويرية التي تعد لهذا الجزء /
الابتسام و الشعور بالانبساط و الارتياح مع المشاهد العاطفية و المشاهد التي ينتصر فيها البطل و تصلح الحياة له وجهها ...إلخ
نعم .... أنا مُشاهدة متواطئة .... ثم ...
بعد كلمة النهاية توقع غالباً أن تسمع مني هذه الجملة :
" إيه الفيلم العبيط ده ؟ "
ثم ... تحليل لعناصر الفيلم : من حبكة ساذجة غالبا تكثر فيها المصادفات - التي لم يتم الإعداد لها أبدا - ، و الحشو الزائد ، لعدم منطقية بعض الأجزاء ، لشخصيات نمطية ليست لها بصمتها الخاصة : فهذا هو البطل الوسيم ، و ذاك هو اللص الظريف ، و تلك هي الفاتنة التي تجذب أنظار الجميع ، و ذاك الشرير الذي يحب البطلة و يحاول تدبيرا شريرا للبطل ، و هذا هو البطل ابن البلد الذي تغلق الدنيا أبوابها في وجهه .. لكن روحي يا أيام ، و تعالي يا أيام ، و إذ فجأتن يبتسم له الحظ و يجد كل الأبواب المغلقة تفتح له ..... إضافة إلى التسطيح الكبير جدا لكل من حوله من شخصيات ، إلى الحلول المفتعلة التي تهبط مرة واحدة من السماء ، إلى الفقر في الحوار ، في التمثيل ، في المشاهد ....
أعتقد أن هذا ينطبق على الكثير من الأفلام ...لتُعامل كالمناديل الورقية التي يستعملها المرء مرة أو اثنتان ثم يُلقي بها في سلة المهملات
رد فعلي المركب جدا تجاه هذه الأفلام مرجعه إلى ما ذكرته من قبل : مجانية المشاعر و القيم
نعم ... فهذه الأفلام لديها الخلطة الجاهزة للتأثير على المُشاهد - إذا ما ترك عنانه لها - : فهي قادرة على إضحاكك و لو بمشاهد مفتعلة أو كلمات تصدم توقعك أو بالجو المرح الذي تثيره و تنساق معه لأنك في حاجة للضحك ، قادرة على منحك حكمة العدد، قادرة على جذب تعاطفك و لو لحاجتك إلى الفرح ، المشاركة ، التعاطف ، قادرة على إبكائك و لو بوضع تركيبة ميلودرامية معروفة سلفاً و ليس لديك المانع لممارسة قدر من إنسانيتك خلالها ، أو لأن صناع الفيلم يريدون منك التعاطف ( تعاطفك لوحده كفاية ) فتنفعل تلقائيا { ألا يأخذ أغلبنا جانب البطل دون وعي حتى لو كان هذا البطل مجرما ً أو سارقا ً أو نصابا ً في هذ الأفلام ؟ بينما يمل الكثيرون من الأفلام الناضجة لأنها لا تتيح هذا الحل السريع المريح غالبا بل تفضل غمسك في التجربة قبل أن توجه وجهك ناحية ما يجب أن تأخذ صفه من قيم أو مواقف ؟}
أو لأن البطل ( دمه خفيف ) أو البطلة ( أمورة ) ، فتشعر بضرورة الوقوف إلى جوارهما بمشاعرك و تمنى كل السعادة لهما :) ، و هذا ما يبرز مشاعرك الطيبة النبيلة إلى النور التي ربما كتمها الواقع طويلا ً :>
و بالتالي - و كما غنت فيروز :
" تبكي و تضحك لا حزنا و لا فرحا
كعاشقٍ خط سطرا في الهوى و محا "

و يتبدى معنى البيت الأخير جليا ً بعد أقل من عشر دقائق من إنتهاء الفيلم .... لأنه ببساطة على كل ما أثاره داخلك من إنفعالات و مشاعر وقتية ، هو غير قادر على الاستمرار معك .... غير قادر على تغيير شيء في نظرتك لذاتك أو الحياة .... غير قادر على إشعارك بأنك مررت بتجربة .. أو خبرة .. أو شيء مؤثر حقيقة ً ...
قرأتُ لـ " كافكا " مرة ً يقول أنه على الكتاب الذي نقرأه أن يفعل فينا شيئا ، أن يُهشمنا و يعيد صياغتنا ، أن يُدمينا و يبكينا و كأننا فقدنا عزيزا غاليا ً ...
أجده محقا جدا في دعواه ، و أتشبث بها و أجدها تسري على الفن بأنواعه أكثر من القراءة .... و لا أجد ذلك متحققا في مجرد فكرة مثالية ليس لها تطبيق واقعي ؛ فهناك بالفعل من الأفلام / الروايات / اللوحات / الأغنيات ، ما ذاق معه المرء ذلك الإحساس و تيقن من وجوده : أن الفن يمكن أن يكون تجربة ، و تجربة عميقة أيضا ... و يمكن أن يعطيك خبرة من نوع ما ... أو حدساً ... أو نظارة جديدة ترى بها الأشياء .... يمكنه أن يهدم داخلك أشياءا و يقيم أخرى .... أن يعضك ...و يُدميك ... ثم يعالجك
....
الكثيرون لديهم سر الصنعة ، لكن القليلين فقط هم من لديهم الإبداع و التفرد
*******************************
لستُ - على أية حال - من كارهي المناديل الورقية أبدا ، فلها استعمالها مع ذلك ... إضافة إلى وجود بعض الأشياء القليلة التي لها تفردها و طعمها فيها ، و كما كان يقول الناقد / سامي السلاموني أن الفيلم الضعيف الناجح جماهيريا يحتوي في جوهره على بعض اسباب النجاح ، و على نقط تميزه التي رفعته على ما به من عيوب ، و العكس صحيح ....
فمن الرائع أن تجد أنه قد تبقى معك أحيانا جملة حوارية ما ، لقطة ما ، تعبير ما على وجه ممثل ، مشهد ما سواء على مستوى السيناريو أو على مستوى التنفيذ .... جيد ، لا بأس على الإطلاق .

الثلاثاء، أكتوبر 07، 2008

سعيٌ حثيثٌ نحو الفرح 2


" يا عشاااااق النبي صلوا على جماااااله
دي عروسة الزين .... يا هنيااااله
اللي ينولها يا هنياااااله "


فوجيء الحضور ب " أغنية الفرح " في الفرح عند مَقدِم العروس و ساد جو من الارتباك
" دي قمر منور .... سبحان من صور"
" شفتوا الأغاني اللي مختاراها صاحبتكم ؟! "
" جوليت و سفيرة عزيزة مين ... دي بدر منور "
قالتها أم العروس بنبرة أسى


" مالها يا طنط ؟ أغاني حلوة جدا... أغاني فرح بجد "
و رحتُ أفتح قائمة "بجد" في ذاكرتي لأضيف إليها حضوري لهذا الفرح / و بقليلٍ من الأسى أتذكر اثنتين من صاحباتي سلمتا مفاتيح تفردهما مع التفاف الدبلة حول أصابعهما ، و فرحيهما النمطيين و ابتسامتان مفتعلتان تخبئان بأقدام فرحتهما المُدعاة الأجزاء المتناثرة لأحلام ٍ مكسورة / : ( رابع فرح "بجد" أشوفه ، و تاني واحد أحضره )
" الحياة بقى لونها بمبي .. و أنا جنبك و انت جنبي "

" انتي بتحبي الأغاني دي !!! شكلك رومانسية قوي "
لا أعرف كيف بدا شكلي أو بدت انفعالاتي أو فرحتي أو انغماسي مع أغاني الفرح و مع حماسي له الذي جعل إحدى معارف صاحبتي تبدي تلك الملاحظة التي تحتمل شبهة سخرية
الفكرة في جوهرها بالنسبة لي لم تكن في كوني أحب تلك الأغاني أم لا ، أو كوني " رومانسية " أم لا
فقط : واحدةٌ من القلائل جدا تحاول أن تفرح " بجد" ... أن تفرح فرحتها الخاصة على طريقتها الخاصة و بأغانيها الخاصة ... أن تختار من يعبر عنها و عن مشاعرها في هذا اليوم
" الكون زي ما يكون سيمفونية
حتى قلبي اتجن ، و بيرقص بالية "

أن تمنح أيامها القادمة وعودا تريدها حقا ، و يرفع صوتَه بها الغناءُ
" الكون بأسراره عايش ويايا
عايش جوايا
طول ما انتَ في الرحلة معايا "

الفكرة كلها هي أن هناك من يقاوم الابتذال ، و تزييف المشاعر و قولبتها ... من يبدأ حياته الخاصة ببصمة خاصة به ، و بفرحة يحياها حقا ، و لا يفتعلها كأنما هي واجب ثقيل لا مناص منه
من يقاوم افتعال مذاق المياه الغازية بأكواب الشربات الحمراء حتى لو تقلبت لها بعض النظرات استخفافا

ً
" عقبالِك "
" يا رب "
ربما كانت هذه هي أول مرة لم ألفظ فيها بجملي المأثورة : - " بعد الشر " .... " إن شا الله انتي " .... " ربنا يسامحك " ، أو ... بإبتسامةٍ متحفظة بلهاء كاذبة - إذا كانت قائلة الكلمة تكبرني سنا -

: " الله يخليكي "
فها أنا ذي أقف في مكانٍ صحيح يصلح أن أعقب صاحبته فيه : أن أختار حياتي القادمة بكل من و ما فيها ... فالأمر ليس " جوازة و السلام " أو " عيشة و السلام "
من أشاركه إياها ، و من أغني أو أرقص معه على نغماتنا الخاصة و بطريقتنا الخاصة .... من أحرر من أجله أغنياتي :


" الليالي الحلوة و الشوق و المحبة
من زمااان و القلب شايلهم عشانك "


المسألة ليست حتما في تفصيلة إختيار الأغنيات ذاتها بقدر ما هي دلالة بداية تنبيء عما هو قادم
حفل الزفاف ما هو إلا " قص الشريط " للجهة التي تختارها في الحياة
ربما اخترت أن تقص جهة : " آه يا حارة ضلمة ... إحنا اللي نورنا "
أو تقص جهة : " هاركب الحنطور و أتحنطر "
أو تقص جهة : " بأحبك يا حمار "
أو جهة : " إديتك تقول ما خدتش ، يا ناكر الجميل "

أو - كبديل أبسط و أكثر تلخيصا ً - تترك نفسك لهم : ليختاروا لك شريك الحياة / الشبكة / الشقة / حفل الزفاف بأغنياته المكررة المبتذلة بمعازيمها الذين لا يعنون لك شيئا / حياتك القادمة بتفاصيلها ، و دربها المرسوم سلفا ً الذي بالتأكيد قد اعتدت تشرب الانتماء له منذ زمن دون لمحة اعتراض .... و عليك الامتنان قدر ما تستطيع بعد ذلك ، و تدرب أبنائك القادمين على نفس المسار الحياتي ، الذي - بالتأكيد - هو أكثر من حفلة زفاف ، و إن حمل ملامحها