عزيزي :
لم أضعك في الحسبان عندما كنتُ أُقلِب وجوه الأمر ... أعترف...
لم أفكر جديا ً في مدى إحتمالية أن أقابلك خلال العامين القادمين عندما كان عقلي يردد بإصرار و ثقة :
" سأسافر ... يجب أن أسافر "
لم يكن عقلي وحده في الواقع ، بل روحي تشتاق السفر ... الوحدة ... و إتحاد مع الذات لا يشوبه مقاطعة أو تدخل من أحد .
تشتاق المعرفة كذلك ... و المعرفة لا تأتي إلا من التجربة ... تجربة الابتعاد التي تجعلنا أكثر فهما ً و أكثر إحتكاكا ً بمعاني الأشياء و جوهرها : الوطن ... العائلة ... الغربة ... حقيقة الذات ...
ذهبتُ لمكتب السفريات و لديّ يقينٌ غريب بأن الطريق مفتوحة أمامي ، و كان عقلي يرتب مع نفسه الكتب التي يمكنني أخذها معي ، و مشاريع الكتابة غير المكتملة التي يجب التركيز على أحدها هناك ، و ماذا يمكنني أن أضع في حقيبة يدي لأتسلى به في الطائرة ...
كانت صورتي واضحة تماما في مخيلتي و أنا جالسة بإستقرار في الطائرة ، صوت فيروز في أذني ، بينما فضولي يتنقل بي ما بين مشهد البلدان من نافذة الطائرة ، و الكتاب الذي بيدي ، و العلكة التي بفمي و أنا أختبر هل فعلا يمكن لها تقليل الضغط الجوي على أذني – كما قرأتُ يوما - ، و القرار بإستكمال الحديث مع الجالس / الجالسة إلى جواري أم لا ، و ربما عدة ملاحظات أو إكتشافات صغيرة تطرأ على بالي فأبتسم لها و أسرع بتدوينها في مفكرتي ، و ربما إبداء حماس ما أو طمأنة ما أو ثقة ما أو فرحة طفولية لأن جواز سفري قد مُنح – أخيرا ً – أول تأشيرة و ختم عليه ...
أتذكر الآن فقط – في حضورك – ذلك الفيلم لـ ساندرا بولوك ... أعرف أنك – إذا ما كنتُ شاهدته – قد عرفت ما أقصد ...
نعم ... فيلم : ( بينما كنتَ نائما ) ( While You Were Sleeping )
عندما أهداها حبيبها في نهاية الفيلم أول تأشيرة لها على جواز سفرها ...
لكن ، أتعرف ؟ أعتقد أن هناك أشياءاً بعينها لا يجب أن يهديك إياها سوى شخصٍ واحد : هو أنت ...و على رأسها بدايات تجارب كتجربة السفر و الحياة معتمدا على ذاتك وحدها في بلدٍ غريب .
- بالطبع هناك الكثير من الأشياء التي أتوق لخوض تجربتها معك – لكن هناك طرقا ً يجب أن تسيرها وحدك ، تجرد سيفك ، تتلفت محاذرا بينما تُعلم خطواتك و صوتك تلك الثقة و تلك القة و المغامرة لتعلو أصواتهن على إرتجافة قلبك الأصلية و وهنه ... تترصد إشارات الكون و تقلباته و أنت وحدك ... تواجه الحين بعد الحين المرايات و صورة ذاتك فيها ... خائفاً مرة ؟ خاضعا مستسلما مرة ؟ مجابها صلبا مرة ؟
أعرف أنك تفهمني ...
سلام
هناك تعليقان (2):
وكم من حبيب فى هذا الزمان قد تركنا وذهب ولكن يبقى الذكريات والامل
بالتأكيد يفهم
إرسال تعليق